كلام صاحب المواقف بقوله: " ومنها: إن مجئ مفعل بمعنى أفعل مما نقله الشارح الجديد للتجريد عن أبي عبيدة من أئمة اللغة، وأنه فسر قوله تعالى:
هي مولاكم بأولاكم. وقال النبي " ص ": أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها أي الأولى بها والمالك لتدبيرها. ومثله في الشعر كثير، وبالجملة استعمال المولى بمعنى المتولي والمالك للأمر والأولى بالتصرف شائع في كلام العرب منقول عن أئمة اللغة، والمراد أنه اسم لهذا المعنى لا صفة بمنزلة الأولى ليعترض بأنه ليس من صيغة اسم التفضيل وأنه لا يستعمل استعماله.
وأيضا كون اللفظين بمعنى واحد لا يقتضي صحة اقتران كل منهما في الاستعمال بما يقترن به الآخر، لأن صحة اقتران اللفظ باللفظ من عوارض الألفاظ لا من عوارض المعاني، ولأن الصلاة مثلا بمعنى الدعاء والصلاة إنما تقترن بعلى والدعاء باللام يقال: صلى عليه ودعا له، ولو قيل: دعا عليه لم يكن بمعناه. وقد صرح الشيخ الرضي بمرادفة العلم والمعرفة مع أن العلم يتعدى إلى مفعولين دون المعرفة، وكذا يقال إنك عالم ولا يقال إن أنت عالم، مع أن المتصل والمنفصل ههنا مترادفان كما صرحوا به، وأمثال ذلك كثير).
وفي كتاب [عماد الإسلام] ما نصه: (قد صرح الشيخ الرضي بمرادفة العلم والمعرفة، مع أن العلم يتعدى إلى مفعولين دون المعرفة، وكذا يقال:
إنك عالم ولا يقال إن أنت عالم، مع أن المتصل والمنفصل ههنا مترادفان كما صرحوا به وأمثال ذلك كثير.
وبوجه آخر: قد مر في مبحث الرؤية من كتاب التوحيد ما يندفع به كلام الرازي هذا، وحاصله: إن اقتران اللفظ باللفظ من عوارض الألفاظ لا من عوارض المعنى، فيجوز أن يكون من عوارض لفظ الانتظار ما لم يكن من عوارض النظر الذي هو بمعناه، وهكذا بالعكس، لتحقق التغاير اللفظي بينهما.