مضى مما أفنى من خلقه 1) مما لو لم يحضره ذلك العلم ويعنه كان جاهلا ضعيفا كما أنا رأينا علماء الخلق إنما سموا بالعلم لعلم حادث إذ كانوا قبله جهلة، وربما فارقهم العلم بالأشياء فصاروا إلى
الجهل وإنما سمي الله عالما لأنه لا
يجهل شيئا، فقد جمع الخالق والمخلوق اسم العلم واختلف المعنى على ما رأيت، وسمي ربنا سميعا لا بخرت فيه يسمع 2) به الصوت ولا يبصر به، كما أن جزءنا الذي نسمع به لا نقوى على النظر به، ولكنه أخبر أنه لا يخفى عليه الأصوات، ليس على حد ما سمينا نحن، فقد جمعنا الاسم بالسميع واختلف المعنى، وهكذا البصر لا بجزء به أبصر، كما أنا نبصر بجزء منا لا ننتفع به في غيره، ولكن الله بصير لا
يجهل شخصا منظورا إليه، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى، وهو قائم ليس على معنى انتصاب وقيام على ساق في كبد 3) كما قامت الأشياء ولكن أخبر أنه قائم، يخبر أنه حافظ، كقولك: الرجل القائم بأمرنا فلان، وهو القائم على كل نفس بما كسبت 4)، والقائم أيضا في كلام الناس الباقي، والقائم
____________________
1) هكذا في بعض النسخ، فيكون معطوفا على الخلق. وفي بعض النسخ ( تقفية ما مضى مما أفنى) أي: جعل بعض ما يفنى في قفاء ما مضى، إذ يكون مستحضرا لما مضى مما أعدمه سابقا حتى يفني ما يفني بعده على طريقته، فيكون معطوفا على الموصول.
2) الخرت ويضم: الثقب في الاذن وغيرها.
3) هذا مخصوص بالحيوان. والكبد بالتحريك: الشدة والمشقة.
4) أي: المحصي لها الحافظ عليها، فاطلاق القائم عليه سبحانه من هذه