فأما في الأسماء فهي واحدة 1)، وهي دلالة على المسمى، وذلك أن الانسان وإن قيل واحد فإنما يخبر أنه جثة واحدة وليس باثنين، فالانسان نفسه ليس بواحد، لان أعضاءه مختلفة وألوانه مختلفة غير واحدة، وهو أجزاء مجزأة ليست بسواء، دمه غير لحمه ولحمه غير دمه، وعصبه غير عروقه، وشعره غير بشره، وسواده غير بياضه وكذلك سائر الخلق، فالانسان واحد في الاسم لا واحد في المعنى، والله جل جلاله هو واحد في المعنى، لا واحد غيره، لا اختلاف فيه ولا تفاوت ولا زيادة ولا نقصان فأما الانسان المخلوق المصنوع المؤلف من أجزاء مختلفة وجواهر شتى غير أنه بالاجتماع شئ واحد، قلت: جعلت
فداك فرجت عني فرج الله عنك، فقولك: (اللطيف الخبير) فسره لي كما فسرت الواحد، فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل، غير أني أحب أن تشرح ذلك لي، فقال: يا فتح إنما قلنا: اللطيف، للخلق اللطيف، ولعلمه بالشئ اللطيف، أولا ترى وفقك الله وثبتك إلى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف وفي الخلق اللطيف من الحيوان الصغار من البعوض والجرجس 2) وما هو أصغر منهما مما لا يكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأنثى والحدث المولود من
____________________
1) أي: الأسماء التي تطلق عليه تعالى وعلى الخلق واحدة، لكنها لا توجب التشابه، الأسماء دالة على المسميات وليست عينها حتى يلزم الاشتراك في حقيقة الذات والصفات.
2) هو بكسر الجيم البعوض الصغار، فيكون من باب ذكر الخاص بعد العام.