بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله الذي جعل توحيده معراجا إلى الجنان، وسلما يرتقى به إلى أرفع مكان، وزين بدلائله صحائف كتب السالكين، وأوثق ببراهينه قلوب العارفين، وأوضح السبل إلى الدخول فيه من الأنفس والآفاق، حتى عدت في مضاميره جياد السباق، وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا يفقهون، ولم يزل الكون مشحونا بغرائب صنعه ولكن لا تعرفون.
فيا عجبا كيف يعصى الاله أم كيف يجحده الجاحد وفي كل شئ له آية تدل على أنه واحد وقد ظهر جل شأنه للعباد، حتى قيل: يا خفيا من فرط الظهور، لأنه لو كان له عز شأنه غيبة تنحدر بها السبع الطباق، وتسيخ الأرض بأهلها إلى الاعراق، لتحقق الجاهلون أنه سبحانه هو الذي أمسكها عن الوقوع، واستيقظوا من غفلات الهجوع، كالشمس الذي يدرك بأفولها الظلام، وبطلوعها النور على الاجرام.
ومع ذلك أنكر بعض الجهلة نورها، وقالوا: انها تستخرج الضياء من الأعيان بظهورها، وقد تاهت الأوهام في بيداء ألوهيته، وقصرت عقولهم عن حقيقة معرفته، حتى قال سيد البشر وأولاده الأئمة الاثنا عشر: تب علينا فإننا بشر ما عرفناك حق معرفتك.