نور البراهين - السيد نعمة الله الجزائري - ج ١ - الصفحة ٥٣٩
من صنع الله عز وجل في القلب مخلوقة، والجحود صنع ١) الله في القلب مخلوق، وليس للعباد فيهما من صنع ولهم فيهما الاختيار من الاكتساب، فبشهوتهم الايمان اختاروا المعرفة فكانوا بذلك مؤمنين عارفين، وبشهوتهم الكفر اختاروا الجحود فكانوا بذلك كافرين جاحدين ضلالا، وذلك بتوفيق الله لهم وخذلان من خذله الله، فبالاختيار والاكتساب عاقبهم الله وأثابهم، وسألت رحمك الله عن القرآن واختلاف الناس قبلكم، فإن القرآن كلام الله محدث غير مخلوق وغير أزلي مع الله تعالى ذكره، وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، كان الله عز وجل ولا شئ غير الله معروف ولا مجهول، كان عز وجل ولا متكلم ولا مريد ولا متحرك ولا فاعل جل وعز ربنا، فجميع هذه الصفات محدثة عند حدوث الفعل منه، عز وجل
____________________
ذلك على الحقيقة وان كانوا جمعا كثيرا وجما غفيرا، بأن يفعل النسيان في قلوب الجمع وإن كان خارقا للعادة.
١) قال صاحب الفوائد المدنية (١): معنى خلق المعرفة والجحود في القلب خلق أن هذا حق وخلافه باطل، مع المنبهات على ذلك ﴿وهديناه النجدين﴾ (٢) وكما قال تعالى ﴿وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى﴾ (3) وفيه تصريح بأن الاذعان القلبي المتعلق بالقواعد الايمانية من الله تعالى، وليس من أفعالنا الاختيارية، وفيه وجهان: أحدهما كونه ميلا قلبيا طبيعيا يترتب على المقدمات الفائضة على القلب من الله تعالى. وثانيهما: كونه مخلوقا لله تعالى،

(١) للعلامة المحقق المولى محمد أمين الأسترآبادي، المتوفي سنة (١٠٣٣) بمكة المكرمة.
(٢) البلد: ١٠.
(٣) فصلت: ١٧.
(٥٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 533 535 536 537 538 539 540 541 542 543 545 ... » »»
الفهرست