وقال الرازي في تفسيره: فان قيل: اذكروا ضابطا في الوقت الذي لا ينفع الاتيان بالايمان، قلنا: إنه الوقت الذي يعاين فيه نزول ملائكة الرحمة والعذاب، لان في ذلك الوقت يصير المرء ملجأ إلى الايمان، فذلك الايمان لا ينفع، إنما ينفع مع القدرة على خلافه حتى يكون المرء مختارا أما إذا عاينوا علامات الآخرة فلا ينفع.
قوله: " غير ممنون " (1) أي لا يمن به عليكم، أو غير مقطوع.
" شرع لكم من الدين " (2) أي قرر لكم دين نوح ومحمد ومن بينهما من أرباب الشرائع عليهم السلام، وهو الأصل المشترك فيما بينهم المفسر بقوله: " أن أقيموا الدين " وهو الايمان بما يجب تصديقه، والطاعة في أحكام الله " ولا تتفرقوا فيه " أي ولا تختلفوا في هذا الأصل، أما فروع الشرائع فمختلفة كما قال " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ".
" كبر على المشركين " أي عظم عليهم " ما تدعوهم إليه " من التوحيد (3) " الله يجتبي إليه من يشاء " أي يجتلب إليه، والضمير لما تدعوهم، أو للدين " ويهدي إليه " بالارشاد والتوفيق " من ينيب " أي يقبل إليه.
وقال علي بن إبراهيم (4): هم الأئمة الذين اختارهم واجتباهم، وعن الصادق عليه السلام: " أن أقيموا الدين " قال الامام: " ولا تتفرقوا فيه " كناية عن أمير المؤمنين " ما تدعوهم إليه " من ولاية علي عليه السلام " من يشاء " كناية عن علي عليه السلام وسيأتي خبر طويل في تأويل هذه الآية.