لا يرى في حكمه نقص، ولا في رأيه وهن، ولا في دينه ضياع، يرشد من استشاره ويساعد من ساعده، ويكيع عن الخناء والجهل (1).
بيان: " المؤمن له قوة في دين " قد عرفت أنه في بعض تلك الفقرات الظرف لغو، وفي بعضها مستقر، وهو تفنن حسن، وإن أمكن أن يكون في الجميع لغوا بتكلفات بعيدة لا حاجة إليها، ففي هذه الفقرة الظاهر أن الظرف لغو، و " في " للظرفية أي قوي في أمر الدين متصلب، " وحزم في لين " أي مع لين، فالظرف مستقر، بأن يكون صفة، أو حالا، ويحتمل أن يكون لغوا أي هو في اللين صاحب حزم لكنه بعيد.
وقال بعض الأفاضل: أي له ضبط وتيقظ في أموره الدينية والدنيوية ممزوجا بلين الطبع، وعدم الفظاظة، والخشونة مع معامليه، وهو فضيلة العدل في المعاملة مع الخلق، وقد تكون عن تواضع، وقد تكون عن مهانة، وضعف نفس، والأول هو المطلوب، وهو المقارن للحزم في الأمور، ومصالح النفس، والثاني: رذيلة لا يمكن معه الحزم، لانفعال المهين عن كل حادث.
وبيان الظرفية على ثلاثة أوجه:
الأول: أن الظرفية مجازية بتشبيه ملابسة الحزم للين الطبع في الاجتماع معه، بملابسة المظروف للظرف، فتكون لفظة " في " استعارة تبعية.
الثاني: أن يعتبر تشبيه الهيئة المنتزعة من الحزم واللين، ومصاحبة أحدهما الاخر بالهيئة المنتزعة من المظروف والظرف ومصاحبتهما، فيكون الكلام استعارة تمثيلية، لكنه لم يصرح من الألفاظ التي هي بإزاء المشبه به، إلا بكلمة " في " فان مدلولها هو العمدة في تلك الهيئة، وما عداه تبع له، يلاحظ معه في ضمن ألفاظ منوية، فلا تكون لفظة " في " استعارة، بل هي على معناها الحقيقي.
الثالث: أن تشبه اللين بما يكون محلا وظرفا للشئ، على طريقة الاستعارة بالكناية، وتكون كلمة " في " قرينة وتخييلا.