يتذكر فيه من تذكر " أي ألم نعطكم من العمر مقدار ما يمكن أن يتفكر ويعتبر و ينظر في أمور دينه، وعواقب حاله من يريد أن يتفكر ويتذكر؟.
واختلف في هذا المقدار فقيل: هو ستون سنة وهو المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: العمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون سنة. وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس، وقيل: هو أربعون سنة، عن ابن عباس و مسروق، وقيل: هو توبيخ لابن ثمانية عشر سنة، عن وهب وقتادة، وروي ذلك عن الصادق عليه السلام " وجاءكم النذير " أي المخوف من عذاب الله وهو محمد صلى الله عليه وآله، وقيل: القرآن، وقيل: الشيب.
وفي قوله تعالى: " أم شجرة الزقوم " الزقوم ثمر شجرة منكرة جدا، من قولهم تزقم هذا الطعام: إذا تناوله على تكره ومشقة شديدة، وقيل: الزقوم: شجرة في النار يقتاتها أهل النار، لها ثمرة مره خشنة اللمس، منتنة الريح، وقيل: أنها معروفة من شجر الدنيا تعرفها العرب، وقيل: إنها لا تعرفها، فقد روي: أن قريشا لما سمعت هذه الآية قالت: ما نعرف هذه الشجرة، قال ابن الزبعرى: الزقوم بكلام البربر:
التمر والزبد، وفي رواية بلغة اليمن، فقال أبو جهل لجاريته: يا جارية زقمينا، فأتته الجارية بتمر وزبد، فقال لأصحابه: تزقموا بهذا الذي يخوفكم به محمد، فيزعم أن النار تنبت الشجر، والنار تحرق الشجر! فأنزل الله سبحانه: " إنا جعلناها فتنة للظالمين " أي خبرة لهم افتتنوا بها وكذبوا بكونها فصارت فتنة لهم، وقيل المراد بالفتنة العذاب من قوله: " يوم هم على النار يفتنون " (1) أي يعذبون " إنها " أي الزقوم " شجرة تخرج في أصل الجحيم " اي في قعر جهنم، وأغصانها ترفع إلى دركاتها، عن الحسن، ولا يبعد أن يخلق الله سبحانه بكمال قدرته (2) في النار من جنس النار، أو من جوهر لا تأكله النار ولا تحرقه، كما أنها لا تحرق السلاسل والاغلال، وكما لا تحرق حياتها وعقاربها، وكذلك الضريع وما أشبه ذلك " طلعها كأنه رؤوس