وفي قوله: " إلى عذاب غليظ " أي إلى عذاب يغلظ عليهم ويصعب. وفي قوله سبحانه: " ولكن حق القول مني " أي الخبر والوعيد " لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين " أي من كلا الصنفين بكفرهم بالله سبحانه وجحدهم وحدانيته، ثم يقال لهم: " فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا " أي بما فعلتم فعل من نسي لقاء جزاء هذا اليوم، فتركتم ما أمركم الله به وعصيتموه، والنسيان: الترك " إنا نسيناكم " أي فعلنا معكم فعل من نسيكم من ثوابه، أي ترككم من نعيمه جزاء على ترككم طاعتنا.
وفي قوله تعالى: " من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر " العذاب الأكبر عذاب جهنم، وأما العذاب الأدنى ففي الدنيا، وقيل: هو عذاب القبر، وروي أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام، والأكثر في الرواية عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أن العذاب الأدنى الدابة والدجال.
وفي قوله تعالى: " يوم تقلب وجوههم في النار " التقليب: تصريف الشئ في الجهات، ومعناه: تقلب وجوه هؤلاء السائلين عن الساعة وأشباههم من الكفار، فتسود وتصفر وتصير كالحة بعد أن لم تكن، وقيل: معناه: تنقل وجوههم من جهة إلى جهة في النار، فيكون أبلغ فيما يصل إليها من العذاب، يقولون متمنين متأسفين:
" يا ليتنا أطعنا الله " فيما أمرنا به ونهانا عنه " وأطعنا الرسولا " فيما دعانا إليه " ربنا آتهم ضعفين من العذاب " بضلالهم في نفوسهم، وإضلالهم إيانا، أي عذبهم مثلي ما تعذب به غيرهم " والعنهم لعنا كبيرا " مرة بعد أخرى، وزدهم غضبا إلى غضبك.
وفي قوله: " لا يقضى عليهم " بالموت " فيموتوا " فيستريحوا " ولا يخفف عنهم من عذابها " أي ولا يسهل عليهم عذاب النار " كذلك " أي ومثل هذا العذاب، ونظيره " نجزي كل كفور " وجاحد كثير الكفران، مكذب لأنبياء الله " وهم يصطرخون فيها " أي يتصايحون بالاستغاثة " يقولون ربنا أخرجنا " من عذاب النار " نعمل صالحا " أي نؤمن بدل الكفر، ونطيع بدل المعصية، والمعنى: ردنا إلى الدنيا لنعمل بالطاعات التي تأمرنا بها " غير الذي كنا نعمل " فوبخهم الله تعالى فقال: " أولم نعمركم ما