كسبته من طاعة أو معصية " إلا أصحاب اليمين " وهم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم، وقيل: هم الذين يسلك بهم ذات اليمين " في جنات يتسائلون " أي يسأل بعضهم بعضا، وقيل: يسألون " عن المجرمين " أي عن حالهم وعن ذنوبهم التي استحقوا بها النار " ما سلككم في سقر " هذا سؤال توبيخ، أي يطلع أهل الجنة على أهل النار فيقولون لهم: ما أوقعكم في النار؟ قالوا لم نك من المصلين " أي كنا لا نصلي الصلوات المكتوبة على ما قررها الشرع، وفيه دلالة على أن الكفار مخاطبون بالعبادات " ولم نك نطعم المسكين " أي لم نكن نخرج الزكوات التي كانت واجبة علينا، و الكفارات التي وجب دفعها إلى المساكين وهم الفقراء " وكنا نخوض مع الخائضين " أي كلما غوى غاو بالدخول في الباطل غوينا معه " وكنا نكذب بيوم الدين " أي نجحد يوم الجزاء " حتى أتانا اليقين " أي الموت على هذه الحالة، وقيل: حتى جاءنا العلم اليقين من ذلك بأن عايناه " فما تنفعهم شفاعة الشافعين " أي شفاعة الملائكة و النبيين كما نفعت الموحدين.
وفي قوله سبحانه: " انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون " أي تقول لهم الخزنة:
اذهبوا وسيروا إلى النار التي كنتم تجحدونها في الدنيا " انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب " أي نار لها ثلاث شعب، سماها ظلا لسواد نار جهنم، وقيل: هو دخان جهنم له ثلاث شعب تحيط بالكافر، شعبة تكون فوقه، وشعبة عن يمينه، وشعبة عن شماله، فسمى الدخان ظلا، كما قال: " أحاط بهم سرادقها " (1) أي من الدخان الآخذ بالأنفاس، وقيل: يخرج من النار لسان فيحيط بالكافر كالسرادق فتنشعب ثلاث شعب، يكون فيها حتى يفرغ من الحساب، ثم وصف سبحانه ذلك الظل فقال:
" لا ظليل " أي غير مانع من الأذى بستره عنه فظل هذا الدخان لا يغني شيئا من حر النار، وهو قوله: " ولا يغني من اللهب " واللهب: ما يعلو على النار إذا اضطرمت من أحمر وأصفر وأخضر، يعني أنهم إذا استظلوا بذلك الظل لم يدفع عنهم حر اللهب، ثم وصف النار فقال: " إنها ترمي بشرر " وهو ما تطاير من النار في الجهات " كالقصر "