من العدد وأقل الكثير منه، لان العدد آحاد وعشرات ومئون وألوف، فأقل العشرات عشرة، وأكثر الآحاد تسعة، قالوا: ولما نزلت هذه الآية قال أبو جهل لقريش: ثكلتكم أمهاتكم أتسمعون ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم (1) والشجعان، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل من خزنة جهنم؟ قال أبو الأسد الجمحي: أنا أكفيكم سبعة عشر، عشرة على ظهري، وسبعة على بطني، فاكفوني أنتم اثنين، فنزل: " وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة " الآية، عن ابن عباس وقتادة والضحاك، ومعناه: وما جعلنا الموكلين بالنار المتولين تدبيرها إلا ملائكة، جعلنا شهوتهم في تعذيب أهل النار، ولم نجعلهم من بني آدم كما تعهدون أنتم فتطيقونهم " وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا " أي لم نجعلهم على هذا العدد إلا محنة وتشديدا في التكليف للذين كفروا نعم الله، وجحدوا وحدانيته حتى يتفكروا فيعلموا أن الله سبحانه حكيم لا يفعل إلا ما هو حكمة، ويعلموا أنه قادر على أن يزيد في قواهم ما يقدرون به على تعذيب الخلائق، ولو راجع الكفار عقولهم لعلموا أن من سلط ملكا واحدا على كافة بني آدم لقبض أرواحهم فلا يغلبونه قادر على سوق بعضهم إلى النار وجعلهم فيها بتسعة عشر من الملائكة " ليستيقن الذين أوتوا الكتاب " من اليهود والنصارى أنه حق، وأن محمدا صادق من حيث أخبر بما هو في كتبهم من غير قراءة لها ولا تعلم منهم " ويزداد الذين آمنوا إيمانا " أي يقينا بهذا العدد وبصحة نبوة محمد صلى الله عليه وآله إذا أخبرهم أهل الكتاب أنه مثل ما في كتابهم " ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون " أي ولئلا يشك هؤلاء في عدد الخزنة، والمعنى:
ليستيقن من لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وآله ومن آمن بصحة نبوته إذا تدبروا وتفكروا " وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا " اللام لام العاقبة أي عاقبة أمر هؤلاء أن يقولوا هذا يعني المنافقين والكافرين، وقيل: معناه: ولان يقولوا ماذا أراد الله بهذا الوصف والعدد؟ ويتدبروه فيؤدي بهم التدبر في ذلك إلى الايمان " كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء " أي مثل ما جعلنا خزنة النار ملائكة