ذوي عدد محنة واختبارا نكلف الخلق ليظهر الضلال والهدى، وأضافهما إلى نفسه لان سبب ذلك التكليف وهو من جهته، وقيل يضل عن طريق الجنة والثواب من يشاء، ويهدي من يشاء إليه " وما يعلم جنود ربك إلا هو " أي لا يعلم جنوده من كثرتها أحد إلا هو، ولم يجعل خزنة النار تسعة عشر لقلة جنوده، ولكن الحكمة اقتضت ذلك، وقيل: هذا جواب أبي جهل حين قال: ما لمحمد أعوان إلا تسعة عشر، وقيل معناه: وما يعلم عدة الملائكة الذين خلقهم الله لتعذيب أهل النار إلا الله، والمعنى أن التسعة عشرهم خزنة النار، ولهم من الأعوان والجنود مالا يعلمه إلا الله، ثم رجع إلى ذكر سقر فقال:
" وما هي إلا ذكرى للبشر " أي تذكرة وموعظة للعالم ليذكروا فيتجنبوا ما يستوجبون به ذلك، وقيل: معناه: وما هذه النار في الدنيا إلا تذكرة للبشر من نار الآخرة حتى يتفكروا فيها فيحذروا نار الآخرة، وقيل: ما هذه السورة إلا تذكرة للناس، وقيل: وما هذه الملائكة التسعة عشر إلا عبرة للخلق يستدلون بذلك على كمال قدرة الله تعالى وينزجرون عن المعاصي " كلا " أي حقا، وقيل: أي ليس الامر على ما يتوهمونه من أنهم يمكنهم دفع خزنة النار وغلبتهم " والقمر " أقسم بالقمر لما فيه من الآيات العجيبة في طلوعه وغروبه ومسيره وزيادته ونقصانه " والليل إذا أدبر " أي ولي " والصبح إذا أسفر " أي أضاء وأنار، وقيل: معناه: إذا كشف الظلام، وأضاء الأشخاص " إنها لإحدى الكبر " هذا جواب القسم، يعني أن سقر التي هي النار لإحدى العظائم، والكبر جمع الكبرى، وقيل: معناه أن آيان القرآن إحدى الكبر في الوعيد " نذيرا للبشر " صفة للنار، وقيل: من صفة النبي صلى الله عليه وآله، فكأنه قال: قم نذيرا، وقيل: من صفة الله تعالى فيكون حالا من فعل القسم المحذوف " لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر " أي يتقدم في طاعة الله، أو يتأخر عنها بالمعصية.
وروى محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: كل من تقدم إلى ولايتنا تأخر عن سقر، وكل من تأخر عن ولايتنا تقدم إلى سقر.
" كل نفس بما كسبت رهينة " أي مرهونة بعملها، محبوسة به، مطالبة بما