وقال ابن عباس: سبق كتاب الله المسح على الخفين، وجاءت الآثار عن الأئمة الأبرار أن الرجل ليصلي أربعين سنة وما يطيع الله، يجعل موضع المسح غسلا.
وقال الصادق عليه السلام: (إذا رد الله كل إهاب إلى موضعه، ذهبت طهارة الناصبية في جنوب الإبل والبقر والغنم).
وروت الناصبية عن عائشة: لئن تقطع رجلاي بالمواسي أحب إلي من أن أمسح على الخفين، وروت أيضا عن أبي هريرة ما أبالي مسحت على خفي أم على ظهر عير بالفلاة.
قالوا: حد الله الرجلين بالكعبين، فمعطوفان على اليدين المحدودتين بالمرفقين. قلنا: قد ذكر الوابشي وغيره من مفسريكم أن الآية تدل قويا على المسح، وفي صحيح البخاري مسحنا على أرجلنا فنادى النبي صلى الله عليه وآله ويل للأعقاب وهذا يدل على أنهم فهموا المسح من الآية، وإلا لكانوا قد جهلوا، وعلى ربهم افتروا، وهذا يوافق أحاديثكم وكتبكم أن الآية منسوخة، وقد عطف الله على الوجه المطلق اليدين المحدودتين، فالأحسن أن يعطف على الرأس المطلق، الرجلين المحدودتين، لحصول المطابقة به، وأيضا فإن الله بعد تقضي جملة الغسل، أتى بجملة السمح، فلو جازت المخالفة بين الرأس والرجلين في المسح، جازت بين الوجه و اليدين في الغسل.
قال الشعبي: نزل القرآن بالمسح، ألا ترى أن المتيمم يمسح ما كان غسلا ويلغي ما كان مسحا: نقله الفراء عنه في معالم التنزيل.
قالوا: إنما أتى لفظ المسح في الرجلين لترك الإتراف، لأنهما تربتان من الأرض قلنا: ذلك لا يوجب الترف، ولا نسلم اعتيادهم الترف وقد عرف مباينة الحقيقتين فاشتراكهما في التسمية يوجب التعمية، فقد دلت علماؤكم وكتبكم على ما ذهبنا إليه.
ولنا أحاديث كثيرة من طرقنا، أعرضنا عنها، لعدم الالتزام بها، ولئلا يطول