ذلك لأظهر - عليه السلام - القول فيها ولم يؤخره إلى وقت الاجتماع.
وقول إبراهيم: إن الذي أخره لا يخلو من أن يكون مثل ما أظهره أو خلاف المعروف من دين محمد (ص)، فإنه يقال له: بل هو من جنس ما أظهره وهو من دين محمد (ص) لا غير وإنما لم يظهر الحكم لأن في إظهاره مباينة القوم بنقض أحكام أئمتهم كلها وإخراج ذلك على وجه التضليل لهم وليس في إظهار البعض ما يدل على إظهار الكل، ولأن الاتفاق قد يحصل بتجويز جماعة الخلاف على إمام لهم في شئ، وإن كان الخلاف لهم في مثله ونوعه أو نظيره في باب الخلاف فيكون لأجل ذلك الواجب على المستصلح أن يكف عن إظهاره وليس في الاتفاقات قياس.
وشئ آخر وهو أن يكون الذي عدل أمير المؤمنين - عليه السلام - عن تغييره من أحكام القوم شيئا قد تكرر العمل به في سلطان الماضين حتى صار دينا ومذهبا، وما خالفه ونقضه لم يكن كذلك بل كان قولهم فيه مجردا من عمل بل كان فتيا مضت في الحال وعمل بها في سلطانهم وقتا من الزمان، فلم يتخوف من إظهار الخلاف فيها وربما كانت الشبهة للاتباع في بعض المنكر أقوى منها في بعض آخر، فعدل الإمام المستصلح للأنام عن تغيير ما قويت عندهم فيه الشبهات إلى ما ضعفت في أنفسهم الشبهة فيه كراهة اختلاف الكلمة والافتتان.
وأما ما تعلق به في إبطال شهادة الصبيان من قوله: * (ممن ترضون من الشهداء) * ومن قوله: * (وأشهدوا ذوي عدل منكم) * فإن الأمر فيه على خلاف ما توهمه، وذلك أن الله سبحانه أمر بالإشهاد في الديون رجلين أو رجلا وامرأتين ولم يبطل الحكم في ذلك ولا في غيره بشهادة من يخالف ما وصفناه، وليس يتضمن قوله: * (وأشهدوا ذوي عدل منكم) * أن لا تقبلوا إلا شهادة ذوي عدل وقد قبل رسول الله (ص) شهادة " خزيمة بن ثابت " وحده وأمضى الحكم بها، وقبل شهادة