الأحكام، وليست خلافا لدين محمد (ص) بل هي أحكامه في الحقيقة بالجلي من البرهان.
وأما قول إبراهيم إن الفساد لم يكن على أمير المؤمنين - عليه السلام - من قبل خلافهم في الفتيا فإن ذلك إنما كان كذلك لأنه - عليه السلام - لم يفتتح ولايته به بل قال لقضاته: اقضوا كما كنتم تقضون، وقد ذكر هذا إبراهيم لكنه نسيه عن قرب ولو افتتح ولايته بنقض أحكام القوم والخلاف عليهم جملة لكان الفساد عليه أكثر من الفساد بأهل البصرة وصفين والنهروان، لأنه كان يكون تضليلا لأئمتهم وتفسيقا لهم وتخطئة لجمهور الصحابة في الاقتداء بمن سلف والتصويب لهم في الأحكام، لكنه - عليه السلام - عدل عن ذلك ودرجهم على إظهار الخلاف في شئ بعد شئ وحال بعد حال، وأراهم في الظاهر أنه كخلاف بعضهم على بعض في الاجتهاد فلو أمن - عليه السلام - من اضطراب الجماعة وتفرقهم عنه وانصرافهم عن نصرته عند الحكم بمحض مذهبه لما أخر ذلك.
ودليل ما قلناه قوله - عليه السلام - لقضاته: " اقضوا كما كنتم تقضون حتى يكون الناس جماعة " فأخر الحكم بجميع مذهبه إلى اتفاق الجماعة أفلا ترى إلى قوله - عليه السلام -: " لو ثني لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم حتى يزهر كل كتاب من هذه الكتب ويقول: يا رب إن عليا قد قضى بقضائك " فدل على أنه لم تستقر به الدار ولم يتمكن من تنفيذ الأحكام.
وأما انصرافهم عن النكير عليه فيما حكم به من خلاف أقاويل الجماعة الذين ذكرهم فإنما استقام له ذلك لوفاق جمهور أصحابه له - عليه السلام - واتباعهم إياه، وتجويزهم الخلاف على من تقدم فيه ولو استجازوا فيما بقي من الأحكام مثل