النبي (ص).
فقال له السائل: وما الدليل على صحة هذا الخبر؟ وما أنكرت أن يكون غير معتمد لأنه إنما رواه أنس بن مالك وحده، وأخبار الآحاد ليست بحجة فيما يقطع على الله تعالى بصوابه.
فقال الشيخ أدام الله عزه: هذا الخبر وإن كان من أخبار الآحاد على ما ذكرت من أن أنس بن مالك رواه وحده، فإن الأمة بأجمعها قد تلقته بالقبول ولم يرووا أن أحدا رده على أنس ولا أنكر صحته عند روايته، فصار الاجماع عليه هو الحجة في صوابه ولم يخل ببرهانه كونه من أخبار الآحاد كما شرحناه.
مع أن التواتر قد ورد بأن أمير المؤمنين - عليه السلام - احتج به في مناقبه يوم الدار فقال: أنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله (ص): " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر " فجاء أحد غيري؟ فقالوا: اللهم لا، فقال اللهم اشهد فاعترف القوم بصحته ولم يك أمير المؤمنين - عليه السلام - بالذي يحتج بباطل لا سيما وهو في مقام المنازعة والتوسل بفضائله إلى أعلى الرتب التي هي الإمامة والخلافة للرسول (ص) وإحاطة علمه بأن الحاضرين معه في الشورى يريدون الأمر دونه مع قول النبي (ص): " علي مع الحق والحق مع علي يدور حيثما دار " وإذا كان الأمر على ما وصفناه دل على صحة الخبر حسبما بيناه.
فاعترض بعض المجبرة فقال. إن احتجاج الشيعة برواية أنس من أطرف الأشياء، وذلك أنهم يعتقدون تفسيق أنس بل تكفيره، ويقولون: إنه كتم الشهادة في النص حتى دعا عليه أمير المؤمنين - عليه السلام - ببلاء لا تواريه الثياب فبرص على كبر السن فمات وهو أبرص، فكيف يجوز بأن يستشهد برواية الكافرين؟
فقالت المعتزلة: قد أسقط هذا الكلام الرجل ولم يجعل الحجة في الرواية