لا أدري أنت أعلم يا أمير المؤمنين " قال: فإنه والله ما حملني على ذلك إلا أنني كنت أقرأ هذه الآية: * (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) * (1) وكنت أظن أنه سيبقى بعد أمته حتى يشهد عليها بآخر أعمالها فإنه الذي حملني على أن قلت ما قلت.
ألا ترى إلى تصريح الرجل بأنه كان يعتقد حياة رسول الله (ص) ويعتل لذلك تارة بالرأي وتارة بتأويل القرآن، وأنه لم يعتمد فيه أنه من كتاب الله ولا عهد من الرسول (ص) ثم يناقض تارة أخرى بالاعتلال، فيزعم أن الذي حمله عليه ما وجده في الكتاب، فيعلم بذلك صحة ما ذكرناه عنه من التخليط ويظهر لك إدغاله في الدين بمناقضته في المقال وبنقله التلبيس على الضعفاء من اعتلال إلى اعتلال، وقد تبين لك بما قلناه صحة ما قدمناه من ركوبه في ذلك عظيم الضلال وأنه إن كان صدق على نفسه فقد وضح عناده وإدغاله في الدين على ما شرحناه.
قال الشيخ أيده الله: وقد سلك ابنه عبد الله طريقه في الإقدام على الباطل والقول بغير علم ولا بيان وهو عندهم من صلحاء الصحابة وأهل الفضل والسداد.
وذلك أنه لما غنم المسلمون من الفرس في أيام عمر ما غنموه وكان في جملته العود الذي يستعمله المجوس في الملاهي، فأحضروه مجلس عمر فلم يكد يعرفه أحد ممن حضر في الحال، ولم يدر ما الذي يصنع به ولا اسمه من الأسماء، فتشاجروا في ذلك فقال لهم عبد الله بن عمر: دعونا من اختلافكم في هذا وخذوها عني وأنا أبو عبد الرحمان، هذا الميزان الحراني، فلم يرض بالسكوت عما لا يعلم حتى تحدى القوم بأن عنده معرفة لما لا يعرفه، ثم لم يرض بذلك حتى أنبأهم