الأفطح.
قال الشيخ أيده الله: فأما الناووسية فقد ارتكبت في إنكارها وفاة أبي عبد الله - عليه السلام - ضربا من دفع الضرورة وإنكار المشاهدة لأن العلم بوفاته كالعلم بوفاة أبيه من قبله، ولا فرق بين هذه الفرقة وبين الغلاة الدافعين لوفاة أمير المؤمنين - عليه السلام - وبين من أنكر مقتل الحسين - عليه السلام - ودفع ذلك وادعى أنه كان مشبها للقوم، فكل شئ جعلوه فصلا بينهم وبين من ذكرناه فهو دليل على بطلان ما ذهبوا إليه في حياة أبي عبد الله - عليه السلام -.
وأما الخبر الذي تعلقوا به فهو خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا، ولو رواه ألف إنسان وألف ألف لما جاز أن يجعل ظاهره حجة في دفع الضرورات وارتكاب الجهالات بدفع المشاهدات، على أنه يقال لهم ما أنكرتم أن يكون هذا القول إنما صدر من أبي عبد الله - عليه السلام - عند توجهه إلى العراق ليؤمنهم من موته في تلك الأحوال، ويعرفهم رجوعه إليهم من العراق ويحذرهم من قبول أقوال المرجفين به المؤدية إلى الفساد، ولا يجب أن يكون ذلك مستغرقا لجميع الأزمان وأن يكون على العموم في كل حال.
ويحتمل أن يكون أشار إلى جماعة علم أنهم لا يبقون بعده وأنه يتأخر عنهم، فقال: من جاءكم من هؤلاء، فقد جاء في بعض الأسانيد من جاءكم منكم، وفي بعضها من جاءكم من أصحابي، وهذا يقتفي الخصوص.
وله وجه آخر وهو أنه عنى بذلك كل الخلق سوى الإمام القائم بعده لأنه ليس يجوز أن يتولى غسل الإمام وتكفينه ودفنه إلا الإمام القائم مقامه إلا أن تدعو ضرورة إلى غير ذلك، فكأنه - عليه السلام - أنبأهم بأنه لا ضرورة تمنع القائم من بعده عن تولي أمره بنفسه.