فصل وأما الفطحية فإن أمرها أيضا واضح وفساد قولها غير خاف ولا مستور عمن تأمله، وذلك أنهم لم يدعوا نصا من أبي عبد الله - عليه السلام - على عبد الله وإنما عملوا على ما رووه من أن الإمامة تكون في الأكبر وهذا حديث لم يرو قط إلا مشروطا وهو أنه قد ورد أن الإمامة تكون في الأكبر ما لم تكن به عاهة، وأهل الإمامة القائلون بإمامة موسى - عليه السلام - متواترون بأن عبد الله كان به عاهة في الدين لأنه كان يذهب إلى مذاهب المرجئة الذين يقعون في علي - عليه السلام - وعثمان وأن أبا عبد الله - عليه السلام - قال وقد خرج من عنده: " عبد الله هذا مرجئ كبير " وأنه دخل عليه عبد الله يوما وهو يحدث أصحابه فلما رآه سكت حتى خرج فسئل عن ذلك فقال: " أو ما علمتم أنه من المرجئة ".
هذا مع أنه لم يكن له من العلم ما يتخصص به من العامة، ولا روي عنه شئ من الحلال والحرام، ولا كان بمنزلة من يستفتى في الأحكام، وقد ادعى الإمامة بعد أبيه فامتحن بمسائل صغار فلم يجب عنها ولا تأتى للجواب فأي علة أكبر مما ذكرناه تمنع من إمامة هذا الرجل.
مع أنه لو لم تكن علة تمنع من إمامته لما جاز من أبيه صرف النص عنه، ولو لم يكن قد صرفه عنه لأظهره فيه، ولو أظهره لنقل وكان معروفا في أصحابه، وفي عجز القوم عن التعلق بالنص عليه دليل على بطلان ما ذهبوا إليه.