فصل قال الشيخ أيده الله: وما رأيت أوهن ولا أضعف من تعلق المعتزلة ومتكلمي المجبرة بقول العباس بن عبد المطلب رحمه الله لأمير المؤمنين - عليه السلام - بعد وفاة رسول الله (ص): " امدد يدك يا بن أخ أبايعك فيقول الناس عم رسول الله بايع ابن أخيه فلا يختلف عليك اثنان " وقد ادعوا أن في هذا دليلا على أن رسول الله (ص) لم ينص على أمير المؤمنين - عليه السلام -.
وقولهم إنه لو كان نص عليه لم يدعه العباس إلى البيعة لأن المنصوص عليه لا يفتقر في إمامته وكمالها إلى البيعة فلما دعاه العباس إلى عقد إمامته من حيث تنعقد الإمامة التي تكون بالاختيار دل على بطلان النص، وهذا الكلام مع وهنه فقد حار قوم من الشيعة عن فهم الغرض فيه وعدلوا عن نقضه من وجهه، وقد كنت قلت لمناظر اعتمد عليه في حجاجه في الإمامة ورام به مناقضتي في مجلس من مجالس النظر أقوالا أنا أورد مختصرا منها وأعتمد على بعضها إذ كان شرح ذلك يطول.
وهو أن يقال لهم إن كان دعاء العباس أمير المؤمنين - عليه السلام - إلى البيعة يدل على ما زعمتم من بطلان النص وثبوت الإمامة من جهة الاختيار فيجب أن يكون دعاء النبي (ص) الأنصار إلى بيعته في ليلة العقبة ودعاؤه المسلمين من المهاجرين والأنصار تحت شجرة الرضوان، دليلا على أن نبوته (ص) إنما ثبتت له من جهة الاختيار فإنه لو كان ثابت الطاعة من قبل الله عز وجل وإرساله له وكان المعجز دليل نبوته، لاستغنى عن البيعة له تارة بعد أخرى فإن قلتم ذلك، خرجتم عن الملة، وإن أثبتموه نقضتم العلة عليكم.