ووجه آخر وهو المعتمد عندي في هذا الجواب عن هذا السؤال والمعول عليه دون ما سواه، وهو أن أمير المؤمنين - عليه السلام - لم يتوصل إلى حقه في حال من الأحوال بما يوصل إليه من اختيار الناس له على ما ظنه الخصوم.
وذلك أنه - عليه السلام - احتج في يوم الشورى بنصوص رسول الله (ص) الموجبة له فرض الطاعة كقوله: " أفيكم أحد قال له رسول الله (ص) من كنت مولاه فعلي مولاه غيري؟ أفيكم أحد قال له رسول الله (ص) أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي غيري؟ " وأشباه هذا من الكلام الموجب لإمامة صاحبه بدليله المغني له عن اختيار العباد.
ولما قتل عثمان لم يدع أحدا إلى اختياره لكنه دعاهم إلى بيعته على النصرة له والاقرار بالطاعة وليس في هذا من معنى الاختيار الذي يذهب إليه المخالفون شئ على كل حال، والجواب الأول لي خاصة والثاني لأصحابنا وقد نصرته بموجز من الكلام.
فصل وقد سأل المخالفون في شئ يتعلق بهذا الفصل عن سؤال لم أجد لأحد من أصحابنا فيه جوابا فأجبت عنه بما أسقطه على البيان، وهو أن قالوا: إذا زعمتم أن النبي (ص) قد نص على أمير المؤمنين - عليه السلام - بالإمامة وبين عن فرض طاعته ودعا الأمة إلى اتباعه، فما معنى قول العباس بن عبد المطلب رحمة الله عليه لأمير المؤمنين - عليه السلام - في مرض رسول الله (ص): " يا ابن أخ ادخل معي إلى النبي فاسأله عن الأمر من بعده هل هو فينا فتطمئن قلوبنا أم هو في غيرنا فيوصيه بنا " فدخلا