واحد ويمين المدعي وأمضى الحكم بذلك. فما نرى إبراهيم إلا طاعنا على رسول الله (ص) بما اعتمده، بل طاعنا على كتاب الله عز وجل ومزريا على أحكامه، وذلك أن الله تعالى قد أمر بقبول شهادة الكفار في الوصية حيث يقول: * (أو آخران من غيركم) * (1) والكفار ليسوا من أهل العدالة.
وإنما قبل أمير المؤمنين - عليه السلام - شهادة الصبيان في مكان دون مكان وعلى حال دون حال، فقبلها في الجراح وأشباهه من حقوق العباد وأخذ بأول قولهم وأطرح آخره لما دعاه إلى ذلك الاضطرار لتنفيذ أحكام الله عز وجل ومنع أن يبطل حقوق العباد، ولم يصنع - عليه السلام - ذلك إلا بنص فيه من الرسول (ص) بأدلة، منها الاتفاق على قوله (ص): " أنا مدينة العلم وعلي بابها "، وقوله (ص): " علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار " على أنه قد أخذ بهذا القول عن أمير المؤمنين - عليه السلام - جماعة لا يتمكن الجاحظ من الطعن عليهم في الفتيا ودان به أئمة في الفقه عنده من التابعين وهو إجماع من فقهاء مدينة الرسول (ص).
وقد روى مالك عن هشام بن عروة أن عبد الله بن الزبير أجاز شهادة الصبيان بعضهم على بعض في الجراح وقال مالك بهذا القول ما لم يتفرقوا. وروى ابن أبي زياد عن أبيه قال: السنة أن ليفي بشهادة الغلمان ويؤخذ بها في الجراح ولا يلتفت إلى ما أحدثوا. وروى أيضا عن أبيه عن عمر بن عبد العزيز مثل ذلك.
وروى يونس عن ابن شهاب قال: كان مروان يجيز شهادة الصبيان ويأخذ بأول قولهم. وروى ابن إسحاق قال: كان ابن شهاب وربيعة يجيزان شهادة الصبيان بعضهم على بعض. وروى مثل ذلك أيضا عن شريح وهو مشهور عنه، وهذا يكشف لك عن جهل الجاحظ وأستاذه النظام فيما ادعياه من الاجماع على خلاف