فصل ومن حكايات الشيخ وكلامه، قال الشيخ أيده الله: قال لي يوما بعض المعتزلة: لو كان ما تدعونه من هذا الفقه الذي تضيفونه إلى جعفر بن محمد وآبائه وأبنائه - عليهم السلام - حقا وأنتم صادقون في الحكاية عنهم، لوجب أن يقع لنا معشر مخالفيكم العلم الضروري بصحة ذلك حتى لا نشك فيه كما وقع لكم صحة الحكاية عن أبي حنيفة ومالك والشافعي وداود وغيرهم من فقهاء الأمصار برواية أصحابهم عنهم. فلما لم نعلم صحة ما تدعونه مع سماعنا لأخباركم وطول مجالستنا لكم، دل على أنكم متخرصون في ذلك.
وبعد فما بال كل من عددناه من فقهاء الأمصار قد استفاض عنهم القول في الفتيا استفاضة منعت من الريب في مذاهبهم، وأنتم أئمتكم أعظم قدرا من هؤلاء وأجل خطرا لا سيما مع ما تعتقدونه فيهم من العصمة وعلو المنزلة والفضل على جميع البرية والبينونة من الخلق بالمعجزة وما اختصوا به من خلافة الرسول (ص) وفرض الطاعة على الجن والإنس إن هذا لشئ عجيب.
قال الشيخ أيده الله: فقلت له: إن الجواب عن هذا السؤال قريب جدا غير أني أقلبه عليك فلا يمكنك الانفصال منه إلا بإخراج من ذكرت من جملة أهل العلم، ونفي المعرفة عنهم وإسقاط مقال من زعم أنهم كانوا من أصحاب الفتيا، والعلم الضروري حاصل لكل من سمع الأخبار بضد ذلك وخلافه، وأنهم - عليهم السلام - كانوا من أجلة أهل الفتيا، وذلك أننا وإن كنا كاذبين على قولك فلا بد لهؤلاء القوم - عليهم السلام - من مقال في الفتيا يتضمن بعض ما حكيناه عنهم، فما بالنا