ثم قال سبحانه: * (والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس) * ولم يوجد أحد صبر مع رسول الله (ص) عند الشدائد غير أمير المؤمنين - عليه السلام - فإنه باتفاق وليه وعدوه لم يول دبرا ولا فر من قرن ولا هاب في الحرب خصما.
فلما استكمل - عليه السلام - هذه الخصال بأسرها قال سبحانه: * (أولئك الذين صدقوا) * يعني به أن المدعو إلى اتباعه من جملة الصادقين، هو من دل على اجتماع الخصال فيه وذلك أمير المؤمنين - عليه السلام -، وإنما عبر عنه بحرف الجمع تعظيما له وتشريفا، إذ العرب تضع لفظ الجمع على الواحد إذا أرادت أن تدل على نباهته وعلو قدره وشرف محله، وإن كان قد يستعمل فيمن لا يراد له ذلك إذا كان الخطاب يتوجه إليه ويعم غيره بالحكم. ولو جعلنا المعنى في لفظ الجمع بالعبارة عن أمير المؤمنين - عليه السلام - لكان لذلك وجها لأنه وإن خص بالذكر فإن الحكم جار فيمن يليه من أئمة الهدى - عليهم السلام - على ما قد شرحناه. وهذا بين والله نسأل توفيقا نصل به إلى الرشاد بمنه.
فصل ومن كلام الشيخ أدام الله عزه في توبة طلحة والزبير على ما تدعيه المعتزلة من ذلك، قال الشيخ أدام الله عزه: أما طلحة فقتل بين الصفين وهو مصمم على الحرب، وهذه حال ظاهرها الإقامة على الفسق، ومن ادعى باطنا غيرها فقد ادعى علم غيب لا يجب قبوله منه إلا ببرهان ولا برهان على ذلك، مع أن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أمير المؤمنين - عليه السلام - أنه مر به وهو قتيل فقال لأصحابه:
أجلسوا طلحة فأجلسوه فقال: هل وجدت ما وعدك ربك حقا فقد وجدت ما وعدني ربي حقا، ثم قال: أضجعوا طلحة وقال في موضع آخر وقد مر به: لقد كان