فصل ومن كلامه أيضا في الدلالة على أن أمير المؤمنين - عليه السلام - لم يبايع أبا بكر، قال الشيخ أدام الله عزه: قد أجمعت الأمة على أن أمير المؤمنين - عليه السلام - تأخر عن بيعة أبي بكر فالمقلل يقول: كان تأخره ثلاثة أيام، ومنهم من يقول: تأخر حتى ماتت فاطمة - عليها السلام - ثم بايع بعد موتها، ومنهم من يقول: تأخر أربعين يوما، ومنهم من يقول: تأخر ستة أشهر والمحققون من أهل الإمامة يقولون: لم يبايع ساعة قط فقد حصل الاجماع على تأخره عن البيعة ثم اختلفوا في بيعته بعد ذلك على ما قدمنا به الشرح.
فمما يدل على أنه لم يبايع البتة أنه ليس يخلو تأخره من أن يكون هدى وتركه ضلالا أو يكون ضلالا وتركه هدى وصوابا، أو يكون صوابا وتركه صوابا، أو يكون خطأ وتركه خطأ، فلو كان التأخر ضلالا وباطلا، لكان أمير المؤمنين - عليه السلام - قد ضل بعد النبي (ص) بترك الهدى الذي كان يجب المصير إليه وقد أجمعت الأمة على أن أمير المؤمنين - عليه السلام - لم يقع منه ضلال بعد النبي (ص) ولا في طول زمان أبي بكر وأيام عمر وعثمان وصدرا من أيامه حتى خالفت الخوارج عند التحكيم وفارقت الأمة، وبطل أن يكون تأخره عن بيعة أبي بكر ضلالا.
وإن كان تأخره هدى وصوابا وتركه خطأ وضلالا فليس يجوز أن يعدل عن الصواب إلى الخطأ ولا عن الهدى إلى الضلال لا سيما والاجماع واقع على أنه لم يظهر منه ضلال في أيام الثلاثة الذين تقدموا عليه، ومحال أن يكون التأخر خطأ وتركه خطأ للاجماع على بطلان ذلك أيضا ولما يوجبه القياس من فساد هذا المقال.