فوضعه عنده من أعظم الجهل والتفريط وضد الحزم والحكمة والتدبير حاشا الرسول (ص) من ذلك ومن كل صفة نقص، وقد أعلى الله تعالى عز وجل رتبته وأكذب مقال من ادعى ذلك فيه.
وإذا كان الأمر على ما بيناه فما نرى الناصبة قصدت الطعن في إيمان أمير المؤمنين - عليه السلام - إلا عيب الرسول (ص) والذم لأفعاله ووصفه بالعبث والتفريط ووضع الأشياء غير مواضعها والإزراء عليه في تدبيراته، وما أراد مشايخ القوم ومن ألقي هذا المذهب إليهم إلا ما ذكرناه والله متم نوره ولو كره الكافرون.
فصل وسمعت الشيخ أدام الله عزه يقول: مما يدل على إيمان أبي طالب رضي الله عنه إخلاصه في الود لرسول الله (ص) والنصرة له بقلبه ويده ولسانه وأمره ولديه عليا - عليه السلام - وجعفرا رضي الله عنه باتباعه، وقول رسول الله (ص) فيه عند وفاته:
" وصلتك رحم وجزيت خيرا يا عم " فدعا له، وليس يجوز أن يدعو رسولي الله (ص) بعد الموت لكافر ولا أن يسأل الله خيرا، ثم أمره عليا - عليه السلام - خاصة من بين أولاده الحاضرين بتغسيله وتكفينه وتوريته دون عقيل ابنه وقد كان حاضرا ودون طالب أيضا، ولم يكن من أولاده من قد آمن في تلك الحال إلا أمير المؤمنين - عليه السلام - وجعفر وكان جعفر غائبا في بلاد الحبشة فلم يحضر من أولاده مؤمن إلا أمير المؤمنين - عليه السلام - فأمره أن يتولى أمره دون من لم يكن على الإيمان، ولو كان رحمة الله عليه كافرا لما أمر ابنه المؤمن بتولية أمره ولكان الكافر أحق به.
مع أن الخبر قد ورد على الاستفاضة بأن جبرئيل - عليه السلام - نزل على رسول الله (ص) عند موت أبي طالب رضوان الله عليه فقال له: " يا محمد إن ربك يقرئك