وكذبا فيه على الواضح من البيان.
وذلك أن أمير المؤمنين - عليه السلام - لم يدع الناس إلى بيعته وإنما جاءوه فيها على الاختيار وألزموه قبول أمرهم، وكان أول من صفق على يده بالاتفاق طلحة بن عبيد الله، والدلالة على ذلك ما أجمع عليه رواة الآثار من قول الأسدي، وقد رأى يد طلحة أول يد صفقت على يد أمير المؤمنين - عليه السلام -، فقال: إنا لله، أول يد صفقت على يد أمير المؤمنين يد شلاء يوشك أن لا يتم هذا الأمر فكيف يكون طلحة مكرها وهو أول من صفق على يده بالبيعة؟
ويكشف أيضا عن ذلك قول أمير المؤمنين - عليه السلام - في خطبته التي هي أشهر من خطبه كلها وقد ذكر بيعته، فقال: " فتداك الناس علي كتداك الإبل على حياضها حتى وطئ الحسنان وشقت أعطافي وقيل لي إن لم تجبنا إلى البيعة ألحقناك بابن عفان " ولا خلاف أن أمير المؤمنين - عليه السلام - كان عند قتل عثمان مستتر عن جمهور الناس فلما قتل عثمان، تلوذ بحيطان المدينة مخافة أن يقال إنه رغب في الأمر حتى مضى الناس إليه طوعا. وكيف يكون طلحة والزبير مكرهين والعامة تروي أنه قال لهما: " امددا أيديكما أبايعكما فإنني أكون لكما وزيرا خير من أن أكون لكما أميرا ".
وأما طلبهما الشورى فليس ذلك لهما وقد تمت إمامته وانعقدت بيعته بالمهاجرين والأنصار وبهما أنفسهما، هذا على التسليم للمخالفين أن إمامته كانت باختيار دون النص عليها والدلالة على وجوبها.
وقوله: إنه قتل عثمان وكان سدى ذلك ولحمته وقاتل عثمان لا يكون للناس إماما، فقد علم كل من سمع الأخبار أن أمير المؤمنين - عليه السلام - لم يحضر قتل عثمان وقد كان أنفذ إليه بابنه الحسن - عليه السلام - لما منعوه الماء ليسقيه، وأن الذي تولي