فصل ومن كلام الشيخ أيده الله أيضا. وحضر الشيخ أدام الله عزه مجلسا للنقيب أبي الحسن العمري أدام الله عزه وكان بالحضرة جمع كثير، وفيه القاضي أبو محمد العماني وأبو بكر بن الدقاق فتخاوضوا في ضروب من الحكايات فجرى ذكر الحسد. فقال أبو بكر سئل الحسن البصري فقيل له: أيها الشيخ هل يكون في أهل الإيمان حسد؟ فقال: سبحان الله أما علمتم ما جرى بين إخوة يوسف ويوسف - عليه السلام -، أو ما قرأتم قصتهم في محكم القرآن، فكيف يجوز أن يخرج الحسد عن الإيمان؟ فاستحسن هذه الحكاية أبو محمد العماني وهو معتزلي المذهب والحاكي أيضا من المعتزلة.
فقال الشيخ أدام الله عزه لهم: إن نفس هذا الاستدلال الذي استحسنتموه يوجب أن تكون كبائر الذنوب لا تخرج أيضا عن الإيمان وذلك أنه لا خلاف أن ما صنعه إخوة يوسف - عليه السلام - بأخيهم من إلقائه في غيابة الجب وبيعه بالثمن البخس وكذبهم على الذئب وما أوصلوه إلى قلب أبيهم نبي الله يعقوب - عليه السلام - من الحزن كان كبيرا من الذنوب. وقد قص الله تعالى قصتهم وأخبر عن سؤالهم أباهم الاستغفار عند توبتهم وندمهم، فإن كان الحسد لا يخرج عن الإيمان بما حكي عن الحسن من الاستدلال فالكبير من الذنوب أيضا لا يخرج عن الإيمان بذلك بعينه، وهذا نقض مذهب أهل الاعتزال فلم يرد أحد منهم جوابا.