فصل ومن حكايته أدام الله عزه قال: سئل هشام بن الحكم رحمه الله عما ترويه العامة من قول أمير المؤمنين - عليه السلام - لما قبض عمر، وقد دخل عليه وهو مسجى: " لوددت أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجى "، وفي حديث آخر لهم " إني لأرجو أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجى ".
فقال هشام: هذا حديث غير ثابت ولا معروف الإسناد وإنما حصل من جهة القصاص وأصحاب الطرقات، ولو ثبت لكان المعنى فيه معروفا، وذلك أن عمر واطأ أبا بكر والمغيرة وسالما مولى أبي حذيفة وأبا عبيدة على كتب صحيفة بينهم يتعاقدون فيها على أنه إذا مات رسول الله (ص) لم يورثوا أحدا من أهل بيته ولم يولوهم مقامه من بعده، فكانت الصحيفة لعمر إذ كان عماد القوم والصحيفة التي ود أمير المؤمنين - عليه السلام - ورجا أن يلقى الله بها هي هذه الصحيفة فيخاصمه بها ويحتج عليه بمتضمنها.
والدليل على ذلك ما روته العامة عن أبي بن كعب أنه كان يقول في مسجد رسول الله (ص) بعد أن أفضي الأمر إلى أبي بكر بصوت يسمعه أهل المسجد " ألا هلك أهل العقدة والله ما آسى عليهم إثما آسى على من يضلون من الناس، فقيل له: يا صاحب رسول الله من هؤلاء أهل العقدة؟ وما عقدتهم؟
فقال: قوم تعاقدوا بينهم إن مات رسول الله لم يورثوا أحدا من أهل بيته ولا ولوهم مقامه، أما والله لئن عشت إلى يوم الجمعة لأقومن فيهم مقاما أبين به للناس أمرهم، قال: فما أتت عليه الجمعة ".