فصل ومن كلام الشيخ أدام الله عزه أيضا حضر في دار الشريف أبي عبد الله محمد ابن محمد بن طاهر رحمه الله، وحضر رجل من المتفقهة يعرف بالورثاني وهو من فقهائها فقال له الورثاني: أليس من مذهبك أن رسول الله (ص) كان معصوما من الخطأ، مبرأ من الزلل مأمونا عليه من السهو والغلط، كاملا بنفسه غنيا عن رعيته؟
- فقال له الشيخ أيده الله: بلى كذلك كان (ص) قال له: فما تصنع في قول الله جل جلاله * (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله) * (1). أليس قد أمره الله بالاستعانة بهم في الرأي وأفقره إليهم، فكيف يصح لك ما ادعيت مع ظاهر القرآن وما فعله النبي (ص)؟
فقال له الشيخ أدام الله عزه: إن رسول الله (ص) يشاور أصحابه لفقر منه إلى آرائهم ولحاجة دعته إلى مشورتهم من حيث ظننت وتوهمت بل لأمر آخر أنا أذكره لك بعد الايضاح عما أخبرتك به، وذلك أنا قد علمنا أن رسول الله (ص) كان معصوما من الكبائر والصغائر وإن خالفت أنت في عصمته من الصغائر وكان أكمل الخلق باتفاق أهل الملة وأحسنهم رأيا وأوفرهم عقلا وأكملهم تدبيرا، وكانت المواد بينه وبين الله سبحانه متصلة والملائكة تتواتر عليه بالتوفيق من الله عز وجل والتهذيب والإنباء له عن المصالح، وإذا كان بهذه الصفات لم يصح أن يدعوه داع إلى اقتباس الرأي من رعيته لأنه ليس أحد منهم إلا وهو دونه في سائر ما عددناه، وإنما يستشير الحكيم غيره على طريق الاستفادة والاستعانة برأيه إذا تيقن أنه أحسن رأيا منه وأجود تدبيرا وأكمل عقلا أو ظن ذلك، فأما إذا أحاط