المحرك لا يكون محركا إلا بحركة ولا مسكنا إلا بسكون، فلا يخلو أن القديم تعالى في كلامه لموسى بن عمران - عليه السلام - من إحدى منزلتين إما أن يكون مكلما له بكلامه الذي هو عنده قديم فيلزم أن يكون فيما لم يزل مكلما له كما أنه لو حركه بحركة لم تزل لوجب أن يكون فيما لم يزل له محركا، وفي هذا نقض مذهبه الذي اجتباه لنفسه في الفرق بين المكلم والمتكلم وإثبات القديم متكلما دون أن يكون مكلما، أو يكون مكلما له بكلام غير كلامه القديم فيكون مكلما بالكلام المحدث وذلك أيضا نقض مذهبه لقوله إنه لا يكون مكلما إلا بكلامه ومحال أن يكون كلامه محدثا.
فصل وأخبرني الشيخ أدام الله حراسته أيضا قال: دخل أبو الحسن علي بن ميثم رحمه الله على الحسن بن سهل وإلى جانبه ملحد قد عظمه والناس حوله، فقال.
لقد رأيت ببابك عجبا، قال: وما هو؟ قال: رأيت سفينة تعبر بالناس من جانب إلى جانب بلا ملاح ولا ماصر قال: فقال له صاحبه الملحد وكان بحضرته: إن هذا أصلحك الله لمجنون، قال: فقلت: وكيف ذاك؟ قال. خشب جماد لا حيلة له ولا قوة ولا حياة فيه ولا عمل كيف يعبر بالناس؟
قال: فقال أبو الحسن: فأيهما أعجب هذا أو هذا الماء الذي يجري على وجه الأرض يمنة ويسرة بلا روح ولا حيلة ولا قوى، وهذا النبات الذي يخرج من الأرض والمطر الذي ينزل من السماء تزعم أنت أنه لا مدبر لهذا كله وتنكر أن تكون سفينة تحرك بلا مدبر وتعبر بالناس، قال: فبهت الملحد.