صدري وقال: اللهم اهد قلبه وثبت لسانه فما شككت في قضاء بين اثنين ".
وهذا القول يضاد الحكاية عنه أنه كان يقول بالرأي لأن القول بالرأي يوجب الشك في الأحكام وقد نفى عن نفسه ذلك فكيف يثبته مع النفي له لولا البهت والعناد.
وهذه أخبار قد سلمها العدو ونقلها على ما ذكرناه وإنما يتأولها من فارقنا في العقد على مدلولها ويختص بها شيئا دون شئ أو زمانا دون زمان، وذلك باطل لظاهر عمومها وما تقتضيه حقائقها في معانيها من كونها مدحا على الأوصاف التي هي عليها عند من عرف اللسان، وليس لخصومنا أخبار تنفي ما حكاه إبراهيم عن أئمتهم من الاختلاف بل الاجماع على صحة ذلك عليهم حاصل حسبما قدمناه.
على أن أكثر ما حكاه إبراهيم عن أمير المؤمنين - عليه السلام - يمكن مساهلته في بابه وتسليمه له على وجه النظر دون التدين وحمله مع ذلك على خلاف ما توهمه من القول بالاجتهاد، ولأنا نذهب فيه إن سلمناه مذهب التقية والاستصلاح والتأليف والمداراة، وهذا أصل ندين به ونعتقده وليس لخصومنا مثله يلجأون إليه في الخروج من الشناعات.
قال الشيخ أيده الله: وقد أورد الجاحظ الأخبار التي ذكرناها واعتمدنا عليها في بطلان ما أضافه إبراهيم إلى أمير المؤمنين - عليه السلام - من القول بالرأي ولم يعمل فيها شيئا بل خلط في الكلام عليها وصار إلى الهذيان، وقد ذكر عنا أيضا عمدة وأضرب عن الكلام عليها جانبا للعجز والاضطرار وهي أن العقول عندنا توجب عصمة الإمام والدليل القاهر قائم على إمامة أمير المؤمنين - عليه السلام -، وليس يجوز أن يعتري الشك في الدين أهل العصمة في الأديان ولا أن يقع الضلال