الظن ومن صار إلى تكذيب الفقهاء كلهم قبحت مناظرته. فقلت له: ليس كل الفقهاء يذهب مذهبك في الاعتماد في المعاني والعلل على غلبة الظن، بل أكثرهم يزعم أنه يصل إلى ذلك بالاستدلال والنظر فليس كلامنا ردا على الجماعة وإنما هو رد عليك وعلى فرقتك خاصة. فإن كنت تقشعر من ذلك فما ناظرناك إلا له، ولا خالفناك إلا من أجله، مع أن الدليل إذا أكذب الجماعة فلا حرج علينا في ذلك ولا لوم، بل اللوم لهم إذا صاروا إلى ما تدل الدلائل على بطلانه وتشهد بفساده.
وليس قولي: إنكم معشر المتفقهة تدعون غلبة الظن وليس الأمر كذلك بأعجب من قولك وفرقتك: إن الشيعة والمعتزلة وأكثر المرجئة، وجمهور الخوارج فيما يدعون العلم به من مذهبهم في التوحيد والعدل مبطلون كاذبون مغرورون، وإنهم في دعواهم العلم بذلك جاهلون، فأي شناعة تلزم فيما وصفت به أصحابك مع الدليل الكاشف عن ذلك؟ فلم يأت بشئ.
فصل وأخبرني الشيخ أدام الله عزه قال: سأل أبو الهذيل العلاف أبا الحسن علي ابن ميثم رحمه الله عند علي بن رياح فقال له: ما الدليل على أن عليا كان أولى بالإمامة من أبي بكر؟ فقال له: الدليل على ذلك إجماع أهل القبلة على أن عليا - عليه السلام - كان عند وفاة رسول الله (ص) مؤمنا عالما كافيا ولم يجمعوا بذلك على أي بكر، فقال له أبو الهذيل. ومن لم يجمع عليه عافاك الله؟ قال له أبو الحسن: أنا وأسلافي من قبل وأصحابي الآن، فقال له أبو الهذيل: فأنت وأصحابك ضلال تائهون، قال له أبو الحسن. ليس جواب هذا الكلام إلا السباب ثم اللطام.