ويؤيد ذلك أن الكيسانية في وقتنا هذا لا بقية لهم ولا يوجد عدد منهم يقطع العذر بنقله بل لا يوجد أحد منهم يدخل في جملة أهل العلم، بل لا نجد أحدا منهم جملة وإنما تقع مع الناس الحكاية عنهم خاصة، ومن كان بهذه المنزلة لم يجز أن يكون ما اعتمده من طريق الرواية حقا لأنه لو كان كذلك لما بطلت الحجة عليه بانقراض أهله وعدم تواترهم، فبان بما وصفناه أن مذهب القوم باطل لم يحتج الله به على أحد ولا ألزمه اعتقاده على ما حكيناه.
قال الشيخ أيده الله تعالى: ثم لم تزل الإمامية على القول بنظام الإمامة حتى افترقت كلمتها بعد وفاة أبي عبد الله جعفر بن محمد - عليهما السلام -.
فقالت فرقة منها: إن أبا عبد الله - عليه السلام - حي لم يمت ولا يموت حتى يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا لأنه القائم المهدي، وتعلقوا بحديث رواه رجل يقال له عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه قال: إن جاءكم من يخبركم عني بأنه غسلني وكفنني ودفنني فلا تصدقوه، وهذه الفرقة تسمى الناووسية وإنما سميت بذلك لأن رئيسهم في هذه المقالة رجل من أهل البصرة يقال له عبد الله بن ناووس.
وقالت فرقة أخرى: إن أبا عبد الله - عليه السلام - توفي ونص على ابنه إسماعيل ابن جعفر - عليه السلام - وأنه الإمام بعده وأنه القائم المنتظر، وأنكروا وفاة إسماعيل في حياة أبي عبد الله - عليه السلام - وقالوا إنه لم يمت وإنما لبس على الناس في أمره لأمر رآه أبوه.
وقال فريق منهم: إن إسماعيل قد كان توفي على الحقيقة في زمن أبيه - عليه السلام - غير أنه قبل وفاته نص على ابنه محمد فكان الإمام بعده.
وهؤلاء هم القرامطة وهم المباركية ونسبهم إلى القرامطة برجل من أهل السواد يقال له قرمطويه، ونسبهم إلى المباركية برجل يسمى المبارك مولى إسماعيل