والذي يكشف لك عن صحة ما ذكرناه آنفا في وجه إجلاسهما معه في العريش، قول الله سبحانه: * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن) * الآية (1)، فلا يخلو الرجلان من أن يكونا مؤمنين أو غير مؤمنين، فإن كانا مؤمنين، فقد اشترى الله أنفسهما منهما بالجنة، على شرط القتال المؤدي إلى القتل منهما لغيرهما أو قتل غيرهما لهما، ولو كانا كذلك لما حال النبي (ص) بينهما وبين الوفاء بشرط الله عليهما من القتل، وفي منعهما من ذلك دليل على أنهما بغير الصفة التي يعتقدها فيهما الجاهلون، فقد وضح بما بيناه أن العريش وبال عليهما ودليل على نقصهما وأنه بالضد مما توهموه لهما والمنة لله.
فصل وحدثني الشيخ أدام الله عزه فقال: لما حج الرشيد ونزل المدينة اجتمع إليه بنو هاشم وبقايا المهاجرين والأنصار ووجوه الناس، وكان في القوم سيدنا أبو الحسن موسى بن جعفر - عليهما السلام - فقال لهم الرشيد: قوموا إلى زيارة رسول الله.
قال: ثم نهض معتمدا على يد أبي الحسن موسى بن جعفر - عليهما السلام - حتى انتهى إلى قبر رسول الله (ص) فوقف ثم قال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا بن عم - افتخارا على قبائل العرب الذين حضروا معه واستطالة عليهم بالنسب - قال: فنزع أبو الحسن موسى - عليه السلام - يده من يده ثم تقدم فقال:
السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبة، قال: فتغير لون الرشيد ثم قال:
يا أبا الحسن إن هذا لهو الفخر الجسيم.