فصل وأما من ادعى إمامة محمد بن جعفر بعد أبيه - عليه السلام - فإنهم شذاذ جدا قالوا بذلك زمانا مع قلة عددهم وإنكار الجماعة عليهم ثم انقرضوا حتى لم يبق منهم أحد يذهب إلى هذا المذهب، وفي ذلك إبطال مقالتهم لأنها لو كانت حقا لما جاز أن يعدم الله أهلها كافة حتى لا يبقى منهم من يحتج بنقله.
مع أن الحديث الذي رووه لا يدل على ما ذهبوا إليه لو صح وثبت، فكيف وليس هو حديثا معروفا ولا رواه محدث مذكور وأكثر ما فيه عند ثبوت الرواية له أنه خبر واحد وأخبار الآحاد لا يقطع على الله تعالى بصحتها.
ولو كان صحيحا أيضا لما كان في متضمنه دليل الإمامة لأن مسح أبي عبد الله - عليه السلام - التراب عن وجه ابنه ليس بنص عليه في عقل ولا سمع ولا عرف ولا عادة، وكذلك ضمه إلى صدره وكذلك قوله إن أبي خبرني أن سيولد لي ولد يشبهه، وأنه أمره بتسميته وأنه أخبره أنه يكون على شبه رسول الله (ص) ولا في مجموع هذا كله دلالة على الإمامة في ظاهر قول وفعل ولا في تأويله، وإذا لم يك في ذلك دلالة على ما ذهبوا إليه بان بطلانه.
مع أن محمد بن جعفر خرج بالسيف بعد أبيه ودعا إلى إمامته وتسمى بإمرة المؤمنين ولم يتسم بذلك أحد ممن خرج من آل أبي طالب، ولا خلاف بين أهل الإمامة أن من تسمى بهذا الاسم بعد أمير المؤمنين - عليه السلام - فقد أتى منكرا فكيف يكون هذا على شبه رسول الله (ص) لولا أن الراوي لهذا الحديث قد وهم فيه أو تعمد الكذب.