فصل قال الشيخ أيده الله: وأنا أعرض على هذه الطائفة مع اختلافها في مذاهبها بما أدل به على فساد أقوالها بمختصر من القول وإشارة إلى معاني الحجاج دون استيعاب ذلك وبلوغ الغاية فيه إذ ليس غرضي القصد لنقض المذاهب الشاذة عن نظام الإمامية في هذا الكتاب، وإنما كان غرضي حكايتها فأحببت أن لا أخليها من رسم لمع من الحجج على ما ذكرت وبالله التوفيق.
فمما يدل على بطلان قول الكيسانية في إمامة محمد رضي الله عنه أنه لو كان على ما زعموا إماما معصوما يجب على الأمة طاعته، لوجب النص عليه أو ظهور العلم الدال على صدقه إذ العصمة لا تعلم بالحس ولا تدرك من ظاهر الخلقة وإنما تعلم بخبر علام الغيوب المطلع على الضمائر أو بدليله سبحانه على ذلك، وفي عدم النص على محمد من الرسول (ص) أو من أبيه أو من أخويه - عليهم السلام - أيضا دليل على بطلان مقال من ذهب إلى إمامته.
وكذلك عدم الخبر المتواتر بمعجز ظهر عليه عند دعوته إلى إمامته - إذ لو كان لكان ادعاها - برهان على ما ذكرناه.
مع أن محمدا رضي الله عنه لم يدع قط للإمامة لنفسه ولا دعا أحدا إلى اعتقاد ذلك فيه، وقد كان سئل عن ظهور المختار وادعائه عليه أنه أمره بالخروج والطلب بثأر الحسين - عليه السلام - وأنه أمره أن يدعو الناس إلى إمامته عن ذلك وصحته، فأنكره وقال لهم: والله ما أمرته بذلك لكني لا أبالي أن يأخذ بثأرنا كل أحد وما يسوءني أن يكون المختار هو الذي يطلب بدمائنا، فاعتمد السائلون له على ذلك