وقال أبو الحسن علي بن ميثم يوما آخر لأبي الهذيل. أخبرني عمن أقر على نفسه بالكذب وشهادة الزور هل تجوز شهادته في ذلك المقام على آخرين؟ قال أبو الهذيل: لا يجوز ذلك. قال له أبو الحسن: أفلست تعلم أن الأنصار ادعت الإمرة لنفسها ثم أكذبت أنفسها في ذلك المقام وشهدت عليها بالزور ثم أقرت بها لأبي بكر وشهدت بها له. فكيف تجوز شهادة قوم قد أكذبوا أنفسهم وشهدوا عليها بالزور مع ما أخذنا رهنك به من القول في ذلك.
فقال لي الشيخ أيده الله: هذا كلام موجز في البيان والمعنى فيه على الايضاح أنه إذا كان الدليل عند من خالفنا على إمامة أبي بكر إجماع المهاجرين عليه فيما زعمه والأنصار وكان معترفا ببطلان شهادة الأنصار له من حيث أقرت على أنفسها بباطل ما ادعته من استحقاق الإمامة، فقد صار وجود شهادتهم كعدمها وحصل الشاهد بإمامة أبي بكر من بعض الأمة لا كلها، وبطل ما ادعوه من الاجماع عليها. ولا خلاف بيننا وبين خصومنا أن إجماع بعض الأمة ليس بحجة فيما ادعاه وإن الغلط جائز عليهم، وفي ذلك فساد الاستدلال على إمامة أبي بكر بما ادعاه القوم وعدم البرهان عليها من جميع الوجوه.
فصل وحدثني الشيخ أدام الله عزه قال. وحدث عن الحسين بن زيد (1)، قال:
حدثني مولاي، قال: كنت مع زيد بن علي - عليه السلام - بواسط فذكر قوم أبا بكر وعمر وعليا - عليه السلام - فقدموا أبا بكر وعمر عليه، فلما قاموا قال لي زيد رحمه الله:
قد سمعت كلام هؤلاء وقد قلت أبياتا فادفعها إليهم وهي.