وقالوا ليس يجوز أن يكون إمام الزمان صبيا لم يبلغ الحلم.
فيقال لهم: ما سوى الراجعة إلى الوقف كما قيل للواقفة دلوا بأي دليل شئتم على إمامة الرضا - عليه السلام - حتى نريكم بمثله إمامة أبي جعفر - عليه السلام -، وبأي شئ طعنتم به في نقل النص على أبي جعفر - عليه السلام - فإن الواقفة تطعن بمثله في نقل النص على أبي الحسن الرضا - عليه السلام - ولا فصل في ذلك.
على أن ما اشتبه عليهم من جهة سن أبي جعفر - عليه السلام - فإنه بين الفساد، وذلك أن كمال العقل لا يستنكر لحجج الله تعالى مع صغر السن قال الله سبحانه: * (قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا * قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا) * (1) فخبر عن المسيح - عليه السلام - بالكلام في المهد، وقال في قصة يحيى - عليه السلام -: * (وآتيناه الحكم صبيا) * (2).
وقد أجمع جمهور الشيعة مع سائر من خالفهم على أن رسول الله (ص) دعا عليا - عليه السلام - وهو صغير السن ولم يدع الصبيان غيره، وباهل بالحسن والحسين - عليهما السلام - وهما طفلان، ولم ير مباهل قبله ولا بعده باهل بالأطفال، وإذا كان الأمر على ما ذكرناه من تخصيص الله تعالى حججه على ما شرحناه، بطل ما تعلق به هؤلاء القوم.
على أنهم إن أقروا بظهور المعجزات على الأئمة - عليهم السلام - وخرق العادة لهم وفيهم، بطل أصلهم الذي اعتمدوا عليه في إنكار إمامة أبي جعفر - عليه السلام - وإن أبوا ذلك ولحقوا بالمعتزلة في إنكار المعجز إلا على الأنبياء - عليهم السلام -، كلموا بما تكلم به إخوانهم من أهل النصب والضلال، وهذا المقدار يكفي بمشيئة الله في نقض ما اعتمدوه بما حكيناه.