على ما صنع.
والذي يدل على بطلان جميع ما حكاه هذا الرجل عنه من قرب ويوضحه أنه لو كان له أصل لكان أوكد الحجج لأعدائه من الخوارج وغيرهم ممن رأى حربه بالبصرة أو صفين ومن قعد عن نصرته، ولشيعة عثمان خاصة حتى لم كانوا يحتجون به عليه في المقامات ويشنعون به على رؤوس الجماعات، وقد أحطنا علما باحتجاج جميع من خالفه أو قعد عنه أو نازعه وحاربه، فلم نجد فيه أنهم قالوا له تناقضت أحكامك واختلفت آراؤك ولا فضل لك في العلم لأن زيدا نازعك فأفحمك ولأن عثمان خالفك فأسكتك ولأنك تحكم بشئ ثم تندم عليه وتخطئ في أمر وتعترف بخطئك فيه ثم تقيم عليه، بل وجدنا جماعة من ذكرناه معترفين بفضله - عليه السلام - في العلم والشجاعة والحكم والقرابة بالرسول (ص) والزهد، وإنما كان بعضهم يتعلق عليه بإيوائه قتلة عثمان وهم أهل البصرة والشام، وبعضهم بتحكيم الرجال وهم أهل النهروان، وبعضهم بقتال أهل القبلة وهم المعتزلة للقتا ل.
وقد اجتهدت بنو أمية وبنو مروان في مثالبه - عليه السلام - ونفروا العامة عن ولايته فلم يحفظ عن أحد منهم في سلطانه سقط له في العلم ولا تجهيل له في الأحكام، وأكثر ما كانوا يخبطون به في ذلك ويشبهون به على الاغفال، خذلانه لعثمان ونصرته لقتلته والاستبداد بالأمر دون الرجال وما أشبه ذلك.
ولو كان شئ مما حكاه إبراهيم عن أمير المؤمنين - عليه السلام - محفوظ، لنشره من ذكرناه واعتمد عليه كما وصفناه، وفي عدول الكافة عنه لا سيما الخوارج - وقد جرت بينه وبينهم المناظرات - دليل على وقاحة إبراهيم وبهته وعناده وضعف ما اعتمده من الكذب الذي لا خفاء به.