النبي (صلى الله عليه وآله) منها فقال له الرجل: أعجبت من هذه البيضة فوالذي بعثك بالحق ما رزئت شيئا قط، [قال:] فنهض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يأكل من طعامه شيئا وقال: من لم يرزأ فما لله فيه من حاجة.
* الشرح:
قوله (فوالذي بعثك بالحق ما رزئت شيئا قط) الرزية النقص والمصيبة وأصلها الهمزة والاسم الرزء مثال قفل ورزأته أنا إذا أصبت بمصيبته فرزئت بالهمزة وقد يأتي بغير الهمزة وهو من التخفيف الشاذ (فنهض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يأكل من طعامه شيئا) نهوضه (صلى الله عليه وآله) وعدم أكله من طعامه مع كونه من أهل الايمان ظاهرا كما يشعر به الحديث دليل على أن من لم يرزأ ولم يصب في نفسه وماله وأهله بشيء من النقص والمصائب فهو مبغوض ممقوت عند الله ومن بغضه إياه ومقته له أنه زوى عنه مصايب الدنيا كلها وذلك لأمرين أحدهما الاستدراج له ليتمادى في بغيه وطغيانه ويغتر بدوام صحته وسلامة ماله فيزيد في غيه وعصيانه كما قال تعالى (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) قيل في تفسيره: كلما أحدثوا معصية جددنا لهم نعمة، والآخر أنه لم يصبه بمصيبة لئلا يكفر عنه شيئا من معاصيه وذنوبه حتى يأتي في الآخرة بجميعها فيكبه في النار بسببها، وبضد هذا المؤمن الخالص المتقي فإنه - تعالى شأنه - يخصه بالبلاء في الدنيا إما تكفيرا لذنوبه أو رفعا لدرجته التي لا يصل إليها إلا بالبلاء أو لغير ذلك.
(وقال من لم يرزأ فما لله فيه من حاجة) أي في إعلان دينه والإتيان بتكاليفه، ولفظ الحاجة مستعار في حقه تعالى باعتبار طلبه للعبادات بالأوامر وغيرها كطلب ذي الحاجة ما يحتاج إليه أو سلب الحاجة كناية عن سلب اللطف به وترك الإقبال إليه لأن اللطف والإقبال متلازمان للحاجة، فنفى الملزوم وأراد نفي اللازم.
21 - عنه، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام); وأبي بصير (1)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا حاجة لله فيمن ليس له في ماله وبدنه نصيب.
* الشرح:
قوله (لا حاجة لله فيمن ليس له في ماله وبدنه نصيب) ضمير «له» راجع إلى «من» أو إلى «الله».
22 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عثمان النوا، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل يبتلي المؤمن بكل بلية ويميته بكل ميتة ولا يبتليه بذهاب