باب الإصرار على الذنب 1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد الله بن محمد النهيكي، عن عمار ابن مروإن القندي، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار.
* الشرح:
قوله (لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار) ظاهره أن الكبيرة تصير صغيرة أو تزول بالكلية مع الاستغفار، والصغيرة تصير كبيرة مع الإصرار وهو مع ذلك يستلزم الجرأة على الكبيرة غالبا ولذلك ألحق العلماء بالكبائر الإصرار على الصغائر واستدلوا بهذا الحديث، وتوضيحه:
أنه (عليه السلام) دعا إلى الاستغفار عن كبائر الذنوب وصغائرها وبين أن الصغيرة مع الإصرار لا يبقى صغيرة على حالها، لأن الإصرار بها معصية أخرى تنضم إلى الأولى فإذا دام على الإصرار توالت المعاصي وتكاثرت وتراكمت حتى تعد كبيرة لا سيما إذا كان الإصرار يتضمن الاستهانة والاحتقار وقد قيل في تفسير قوله تعالى (يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء) يعذب من يشاء على الصغيرة للإصرار بها، ويغفر لمن يشاء الكبيرة لاستعظامه إياها وخوفه من الله.
وقوله (عليه السلام) «ولا كبيرة» مع الاستغفار معناه أن الكبيرة لا تبقى كبيرة بل تذوب وتصغر بأمر الله تعالى إذا قارنها الاستغفار وهو طلب المغفرة من الغفار; وذلك لأن الاستغفار يتضمن التوبة مع طلب المغفرة، والمستغفر يشاهد قبح فعله وشناعة ذنبه واستحقاقه للعقوبة فيندم بقلبه والندم توبة، ثم يسأل بصدق النية المغفرة منه مستعظما له فتصغر بذلك كبيرته عند الله تعالى بل ربما تزول عن أصلها، ويوافق الفقرتين قول بعض العارفين متى عظمت المعصية في قلب العاصي صغرت عند الله تعالى ومتى صغرت في قلبه عظمت عنده تعالى.
2 - أبو علي الأشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) قال: الإصرار هو أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله ولا يحدث نفسه بتوبة فذلك الإصرار.
* الشرح:
قوله (الإصرار هو أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله ولا يحدث نفسه بتوبة فذلك الإصرار) دل على أن الإصرار يتحقق بالذنب مع عدم الاستغفار والتوبة سواء أذنب ذنبا آخر من نوع ذلك الذنب أو من غير نوعه أو عزم على ذنب آخر أم لا، أما تحققه في غير الأخير فظاهر وأما في الأخير فلان