باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 1 - علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أمير المؤمنين (عليه السلام): إياكم والمراء والخصومة فإنهما يمرضان القلوب على الإخوان وينبت عليهما النفاق.
* الشرح:
قوله (إياكم والمراء والخصومة) المراء بالكسر مرادف للمجادلة تارة وأخص منها أخرى، تقول:
ماريته أماريه مماراة ومراء إذا جادلته، وتقول أيضا: ماريته إذا طعنت في قوله تزييفا للقول وتصغيرا للقائل فلا يكون المراء إلا اعتراضا بخلاف الجدال فإنه يكون ابتداء واعتراضا، والجدال أخص من الخصومة. يقال: جدل الرجل من باب علم فهو جدل إذا اشتدت خصومته، وجادل مجادلة وجدالا إذا خاصم بما يشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب. والخصومة لا يعتبر فيها الشدة ولا الشغل، وقال الغزالي: يندرج في المراء كل ما يخالف قول صاحبه مثل أن يقول هذا حلو فيقول ملح، أو يقول من كذا إلى كذا فرسخ فيقول ليس بفرسخ، أو يقول شيئا فيقول أنت أحمق، أو أنت كاذب.
ويندرج في الخصومة كل ما يوجب تأذي خاطر الآخر ويزداد القول بينهما، وإذا اجتمعا يمكن تخصيص المراء بالأمور الدينية والخصومة بغيرها، أو بالعكس. وينبغي لمن يخاصم أن لا يبالغ فيها، وقد قيل لبعض الأشراف: بم نلت هذا السؤدد؟ فقال لم يخاصمني أحد إلا وقد أبقيت بيني وبينه موضعا للصلح.
ثم أشار إلى بعض آثارهما المذمومة مبالغة في التنفير عنهما بقوله: (فإنهما يمرضان القلوب على الإخوان وينبت عليهما النفاق) لا ريب في أنهما يوجبان تغير كل واحد وعداوته وبغضه وغيظه على الآخر ويورثان التفاوت بين ظاهر كل واحد منهما وباطنه بالنسبة إلى صاحبه، وهذا نفاق يقتضي زوال الألفة وارتفاع الوحدة وتبدد النظام وانقطاع الالتيام.
2 - وبإسناده قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): ثلاث من لقي الله عز وجل بهن دخل الجنة من أي باب شاء:
من حسن خلقه، وخشي الله في المغيب والمحضر، وترك المراء وإن كان محقا.
* الشرح:
قوله (وترك المراء وإن كان محقا) لأن مفاسد المراء لا تتخلف عنه وإن كان صاحبه محقا، على أن المحق المجادل كثيرا مالا يكتفي بسلوك سبيل الدفع. ولا يقتصر على سلوك سبيل الحق بل