باب الغضب 1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخل العسل.
* الشرح:
قوله (الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخل العسل) غضب «خشم گرفتن» ومبدؤه قوة للإنسان بها يرتكب الأهوال العظام، ويتحرك نحو الانتقام، وله فيها حالات ثلاثة لأنه إن لم يستعملها فيما هو محمود عقلا وشرعا مثل دفع الضرر عن نفسه على وجه سايغ والجهاد مع أعداء الدين والبطش عليهم وإقامة الحدود على الوجه المعتبر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حصلت له ملكة الجبن وهو مذموم معدود من الرذائل النفسانية، وإن استعملها فيما هو محمود ولم يتجاوز عن حكم العقل والشرع حصلت له ملكة الشجاعة التي هي من الفضائل النفسانية التي وقع الحث عليها في كتب العلماء وزبر الحكماء، وإن أفرط فيها بالإقدام على ما ليس بجميل واستعملها فيما هو مذموم مثل الضرب والبطش والشتم والنهب والقتل والقذف وأمثال ذلك مما لا يجوزه العقل والشرع حصلت له ملكة التهور المعدودة من الرذائل النفسانية أيضا، وتلك الملكة وما يتولد منها من الأفعال الشنيعة والأقوال القبيحة والأخلاق الذميمة والحركات الخارجة من القوانين العقلية والنقلية تظلم الظاهر والباطن، وتختلط بالأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة والعقائد الكاملة التي هي أنوار الإيمان وحقائق العرفان فيفسد الإيمان، سواء كان الإيمان عين تلك العقائد أم هي مع الأعمال كما يفسد الخل العسل إذ المركب مما ذكر ليس بايمان كما أن المركب من الخل والعسل ليس بعسل بل قد يزيله بالكلية كالخل الكثير للعسل القليل، وفيه تشبيه المعقول بالمحسوس لزيادة الإيضاح والتقرير.
2 - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه، عن ميسر قال: ذكر الغضب عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال: إن الرجل ليغضب فما يرضى أبدا حتى يدخل النار، فأيما رجل غضب على قوم وهو قائم فليجلس من فوره ذلك، فانه سيذهب عنه رجز الشيطان، وأيما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسه، فإن الرحم إذا مست سكنت.
* الشرح:
قوله (إن الرجل ليغضب فما يرضى أبدا حتى يدخل النار) الرضى «خشنود شدن» وفيه إشارة إلى بعض مفاسد الغضب والاستمرار عليه وتنبيه على أنه ينبغي أن لا يغضب، وعلى أنه لو غضب