باب في ترك دعاء الناس 1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن كليب بن معاوية الصيداوي قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): إياكم والناس، إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة فتركه وهو يجول لذلك ويطلبه، ثم قال: لو أنكم إذا كلمتم الناس قلتم: ذهبنا حيث ذهب الله واخترنا من اختار الله، واختار الله محمدا واخترنا آل محمد صلى الله عليه وعليهم.
* الشرح:
قوله (إياكم والناس إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة) دل على ترك دعوة المخالف والكافر إلى الإيمان وأركانه ولوازمه والجهاد معهم لأن للجهاد شروطا منها قيام الإمام أو نائبه به وهي مفقودة في عصرهم وعصرنا هذا إلى قيام الصاحب (عليه السلام) وهذا بالنظر إلى الشديد المتصلب المنكر للحق أو مع قيام التقية ظاهر وأما المستعد لقبوله مع عدم التقية فالدعوة بإظهار الحق عليه راجحة كما دل عليه بعض الروايات وإرادته تعالى خير العبد إما من باب اللطف به والتفضل عليه فإنه عز وجل قد يتفضل عليه ويخرجه من الشقاوة إلى السعادة، أو لعلمه تعالى بميله إلى الحق واستعداده لقبول الخير، وعلى التقديرين نكت في قلبه نكتة نورانية تؤثر فيه فيضطرب من الباطل ويجول ويطلب الحق حتى يستقر عليه، ثم قال للإشارة إلى أقل مراتب الدعوة وإظهار الحق حيث يجوز لو أنكم إذا كلمتم الناس العادلين عن الأئمة الطاهرين أو الأعم قلتم: ذهبنا حيث ذهب الله أي اخترنا طريقا اختاره الله تعالى للوصول إليه والتقرب منه اختار الله محمدا فاخترناه وقلنا بنبوته واخترنا آل محمد صلى الله عليه وعليهم وفضلناهم على غيرهم، ثم إذا قالوا لم اخترتموهم ذكرتم البراهين من غير مجادلة وهذا القدر كاف في دعائهم لأن القلوب القابلة المشروحة تقبله إن شاء الله تعالى.
2 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج، عن ابن مسكان، عن ثابت أبي سعيد قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا ثابت مالكم وللناس، كفوا عن الناس ولا تدعوا أحدا إلى أمركم، فوالله لو أن أهل السماء وأهل الأرض اجتمعوا على أن يضلوا عبدا يريد الله هداه ما استطاعوا، كفوا عن الناس ولا يقول أحدكم: أخي وابن عمي وجاري، فإن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه، فلا يسمع بمعروف إلا عرفه ولا بمنكر إلا أنكره، ثم يقذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمره.
* الشرح: