باب الكبر 1 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبان، عن حكيم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أدنى الإلحاد فقال: إن الكبر أدناه.
* الشرح:
قوله (قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) من أدنى الإلحاد فقال: إن الكبر أدناه) لما كان السائل طالبا استحسن التأكيد في جوابه. والإلحاد: الميل عن الحق، والمراد به إما نفي الصانع أو إثبات الشريك له أو الأعم منهما، والكبر: العظمة وهي هيئة نفسانية تنشأ من تصور الإنسان نفسه أعظم من غيره وأعلى رتبة منه، وهي رذيلة تحت الفجور مقابل التواضع. وانما كان أدنى الإلحاد لأن المتكبر يلزمه إنكار الرب أو أثبات الشريك له من حيث لا يعلم وذلك لأن الكبر من الصفات المخصوصة بالرب باعتبار أنه متوقف على كمال الذات في الوجود والصفات والأفعال وجميع ذلك له تعالى لا لغيره بالضرورة، فإذن ليس المستحق للكبر إلا هو وأما غيره فهو ذليل فقير عاجز مضطر من جهات شتى.
فإذا تكبر لزمه القول بأنه شريك له وإن لم يقل به صريحا فيلزم الإلحاد بالمعنى الثاني.
وكذلك لزمه القول بنفيه تعالى لأن الصانع الذي له شريك ليس بصانع فيلزم الإلحاد بالمعنى الأول، ولما لم يكن من باب الإلحاد صريحا حكم بأنه أدناه وقريب منه، واعلم أن الكبر من المهلكات ومنشأوه الجهل، وإزالته وهي فرض العين يحتاج إلى معالجة علمية وعملية. أما العلمي فهو أن يعرف نفسه ويعرف ربه ويكفيه ذلك في إزالته فإنه إذا عرف نفسه حق المعرفة عرف أنه أذل الأشياء، وأن عليه التواضع والذلة والمسكنة، وإذا عرف ربه علم أنه لا يليق العظمة والكبرياء إلا به وأن كل من سواه عاجز مضطر عبد مملوك لا يقدر على شيء ولا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، فتنقطع عنه مواد البطر والكبرياء، وبواعث الفخر والخيلاء، وأما العملي فهو الاشتغال بأنواع العبادات والطاعات والمداومة لذكر الله والابتهال إليه والتضرع بين يديه وتفويض الأمر إليه وحسن المكالمة والمجالسة والمعاشرة مع الفقراء وغيرهم.
2 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: الكبر قد يكون في شرار الناس من كل جنس، والكبر رداء الله، فمن نازع الله عز وجل رداءه لم يزده الله إلا سفالا، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مر في بعض طرق المدينة وسوداء تلقط السرقين فقيل لها: تنحي عن طريق رسول الله، فقالت: إن الطريق لمعرض فهم بها بعض القوم أن يتناولها، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): دعوها فانها جبارة.