باب اتباع الهوى 1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي محمد الوابشي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: احذروا أهواءكم كما تحذرون أعداءكم فليس شيء أعدى للرجال من اتباع أهوائهم وحصائد ألسنتهم.
* الشرح:
قوله (احذروا أهواءكم كما تحذرون أعداءكم) هويته من باب علم إذا أحببته وعلق به قلبك ثم أطلق على ميل النفس وانحرافها نحو الشيء ثم استعمل في ميل مذموم فيقال اتبع هواه وهو من أهل الأهواء، والهوى: ميل النفس إلى مشتهياتها; والوغول فيها، وصرف الفكر في تحصيلها يوجب الغفلة عن ذكر الله تعالى والإعراض عن أمر الآخرة وموت القلب وفساد الدين والبعد من الله والعاقل يحذر منه كما يحذر من الأعداء لقصد الفرار من الضرر بل ضرره أفخم وأعظم والحذر منه أولى وأهم كما أشار إليه بقوله:
(فليس شيء أعدى للرجال من اتباع أهوائهم) لأن ضرر العدو على فرض تحققه راجع إلى الدنيا الفانية وضرر الهوى مع تيقنه راجع إلى الآخرة الباقية والفرق بينهما كالفرق بين الدنيا والآخرة، وقد رغب الله عز وجل في ترك الهوى ورتب عليه دخول الجنة فقال: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى) وحث أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: «الهوى شريك العمى» يريد أن الهوى مثل عمى القلب يلقى صاحبه في جب الغوى فهو شريك له في الإهلاك وفي تركه مراتب كثيرة لا يقدر عليه إلا العالم الماهر العارف بمكائد النفس أو التابع له إذ النفس مكارة قد تلبس الباطل بلباس الحق فيظن الجاهل أنه حق. ثم أشار إلى أن صرف اللسان فيما لا يعني، وما قيل في الناس والقطع به عليهم مشارك للهوى في الإضرار والإفساد بقوله:
(وحصائد ألسنتهم) حصدت الزرع حصدا من باب ضرب وقتل وهو محصود وحصيد، وحصد بفتحتين والحصيدة موضع الحصاد والحصائد جمع حصيد، والمراد بها ما يقتطفونه من الكلام الذي لا خير فيه تشبيها له بما يحصد من الزرع وتشبيها للسان بحد المنجل الذي يحصد به وهذا الخطاب أعظم وقعا في القلوب وأتم منعا للسان من التسرع في الكلام فليتق الله عبد عند إرادة نطقه وليتأمل في خيره وشره.
2 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي وعظمتي