باب التقية 1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وغيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا) قال: بما صبروا على التقية (ويدرؤن بالحسنة السيئة) قال: الحسنة التقية والسيئة الإذاعة.
* الشرح:
قوله (بما صبروا على التقية) لعل أحد الأجرين السلامة في الدنيا والآخر الثواب في الآخرة، أو أحدهما للعمل بالتقية ظاهرا والآخر للاعتقاد بالحق باطنا، وتفسير الحسنة هنا بالتقية، والسيئة بالإذاعة أي إذاعة الحديث وغيره من الحقوق إذا ظن لحوق الضرر بأهل الحق، لا ينافي تفسيرهما بالعفو والأخذ لأن آيات القرآن تتضمن معاني كثيرة لا تحصى ولا يعلمها إلا أهل العصمة (عليهم السلام).
2 - ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عمر الأعجمي قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا عمر إن تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له والتقية في كل شيء إلا في النبيذ والمسح على الخفين.
* الشرح:
قوله (إن تسعة أعشار الدين في التقية) لقلة الحق وأهله وكثرة الباطل وأهله حتى أن الحق عشر والباطل تسعة أعشار ولابد لأهل الحق من المماشاة مع أهل الباطل فيها حال ظهور دولتهم ليسلموا من بطشهم، ولعل المراد بقوله:
(ولا دين لمن لا تقية له) نفى الكمال لدلالة بعض الروايات على أن المؤاخذ بترك التقية لا يخرج من الإيمان وأن ثوابه أنقص من ثواب العامل بها، ووجوب التقية والإثم بتركها لا ينافي أصل الإيمان وإنما ينافي كماله، وأشار بقوله:
(والتقية في كل شيء إلا النبيذ ومسح الخفين) إلى أن التقية غير مختص بالأحكام والأعمال الدينية، بل تكون في الأفعال العرفية أيضا مثل الخلطة بهم وعيادة مرضاهم ونحوها، وأما عدم التقية في شرب النبيذ ومسح الخفين فقال الشهيد في الذكرى لعدم وقوع الإنكار فيهما من العامة غالبا لأن أكثرهم يحرمون المسكر ولا ينكرون خلع الخف وغسل الرجلين بل الغسل أولى منه وإذا قدر خوف ضرر نادرا جازت التقية. وقال الشيخ: لا تقية فيهما لأجل مشقة يسيرة لا تبلغ إلى الخوف على النفس أو المال، وإن بلغت أحدهما جازت، ويقرب منه قول من قال لا ينبغي الاتقاء فيهما وإن حصل ضرر عظيم ما لم يؤد إلى الهلاك، وقيل: عدم الاتقاء مختص بالمعصوم (عليهم السلام)