عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن في الجنة منزلة لا يبلغها عبد إلا بالابتلاء في جسده.
* الشرح:
قوله (إن في الجنة منزلة لا يبلغها عبد إلا بالابتلاء في جسده) في الجنة منازل ودرجات بعضها يبلغها العبد بكسبه وسعيه وبعضها لرفعته وعلوه خارج عن قدرة البشر وبلوغه إليه بالكسب وانما يبلغه بالابتلاء، ولذلك الابتلاء عند المحبين أحلى من الشهد.
15 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن إبراهيم بن محمد الأشعري، عن أبي يحيى الحناط، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) ما ألقى من الأوجاع - وكان مسقاما - فقال لي: يا عبد الله لو يعلم المؤمن ما له من الأجر في المصائب لتمنى أنه قرض بالمقاريض.
* الشرح:
قوله (وكان مسقاما) مسقام «آنكه بسيار رنج شود» (لو يعلم المؤمن ما له من الأجر في المصائب) في لفظة لو والموصول المشعر بالإبهام دلالة واضحة على أن أجر المصائب في العظمة والفخامة على حد لا يصل إليه عقول البشر.
(لتمنى أنه قرض بالمقاريض) قرضت الشيء قرضا من باب ضرب: قطعته بالمقراض، ويجمع المقراض بالمقاريض، وفيه تبشير للمؤمن بالصبر على الأمراض والبلايا لما له من الأجر العظيم الذي لا يبلغ كنهه عقول العارفين ولا يقدر على وصفه فحول الواصفين.
16 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن يونس بن رباط قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن أهل الحق لم يزالوا منذ كانوا في شدة أما إن ذلك إلى مدة قليلة وعافية طويلة.
* الشرح:
قوله (إن أهل الحق لم يزالوا منذ كانوا في شدة) يعنى أن أهل الحق والايمان من أول زمانهم إلى هذا كانوا في شدة كما يشهد له النظر في حال الأنبياء والأوصياء والتفكر في القرآن العزيز والتأمل في السنة والسير. وفيه حث للمؤمن على الصبر بالشدائد والبلايا تأسيا بهؤلاء الكبراء الذين صبروا لله على قضائه وشكروا له على بلائه، ثم حث على الصبر مبالغة بقوله:
(إن ذلك إلى مدة قليلة وعافية طويلة) فإن زمان البلاء والصبر مدة العمر وهي قليلة فانية وزمان العافية مدة الآخرة وهي طويلة باقية. ومن البين أن العاقل يرجح العافية الباقية على العافية الفانية.
17 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن الحسين بن المختار، عن أبي اسامة، عن