باب شدة ابتلاء المؤمن 1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن، هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
إن أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الذين يلونهم، ثم الأمثل فالأمثل.
* الشرح:
قوله (إن أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الذين يلونهم، ثم الأمثل فالأمثل) البلاء ما يختبر به ويمتحن به من خير أو شر وأكثر ما يأتي مطلقا في الشر وإذا أريد به الخير يأتي مقيدا كما قال تعالى «بلاء حسنا» وأصله المحنة والله تعالى بلى عبدا بالصنع الجميل ليمتحن شكره، وبما يكره ليمتحن صبره، يقال: بلاه الله بخير أو شر يبلوه بلوا وأبلاه إبلاء وابتلاه ابتلاء بمعنى امتحنه، والاسم البلاء مثل سلام والبلوى والبلية مثله، والمراد بالأمثل فالأمثل الأشرف فالأشرف وإلا على فالأعلى في المرتبة والمنزلة، يقال: هذا أمثل من هذا أي أفضل وأشرف وأدنى إلى الخير، وأماثل الناس خيارهم.
وفي هذا الحديث وغيره من الأحاديث المتكثرة من طرق الخاصة والعامة دلالة واضحة على أن الأنبياء في الأمراض الحسية والبلايا الجسمية كغيرهم بل هم أولى بها من الغير تعظيما لأجرهم الذي يوجب التفاضل في الدرجات ولا يقدح ذلك في رتبتهم. بل هو تثبيت لأمرهم وأنهم بشر إذ لو لم يصبهم ما أصاب البشر مع ما يظهر من أيديهم من خرق العادة لقيل فيهم ما قالت النصارى في نبيهم، واستثنى بعض من ذلك ما هو نقص كالجنون والجذام والبرص، وحمل استعاذة النبي (صلى الله عليه وآله) منها على أنها تعليم للخلق، وقال محي الدين: الأنبياء (عليهم السلام) منزهون عن النقص في الخلق والخلق، سالمون من المعايب ولا يلتفت إلى ما نسب بعض إلى بعضهم من العاهات فإن الله تعالى رفعهم عن كل ما هو عيب ينقص العيون وينفر القلوب، وقال الآبي في كتاب إكمال الإكمال: إن الأنبياء والناس في الأمراض سواء، والأنبياء منزهون عن المعايب، ويسمى هذا الابتلاء تنبيه الغافلين وتذكير الصالحين وتنويه الذاكرين، وله فوائد غير محصورة ذكرنا بعضها في باب أن المؤمنين صنفان وابتلاء الأنبياء والمقربين تحفة لهم لرفع الدرجات التي لا يمكن الوصول إليها بشيء من العمل إلا ببلية كما أن بعض الدرجات لا يمكن الوصول إليها إلا بالشهادة فيمن الله سبحانه على من أحب من عباده بهما تعظيما وتكريما له.
2 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن ابن الحجاج قال: ذكر عند أبي عبد الله (عليه السلام) البلاء وما يخص الله عز وجل به المؤمن، فقال: سئل